كتاب البيوع .
البيع جائز وأصله قوله تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } ( النساء : 29 ) وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ( البقرة : 275 ) ويصح البيع من كل بالغ عاقل مختار فأما الصبي والمجنون فلا يصح بيعهما لقوله ( ص ) : [ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق ] ولأنه تصرف في المال فلم يفوض إلى الصبي والمجنون كحفظ المال فأما المكره فإنه إن كان بغير حق لم يصح بيعه لقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } فدل على أنه إذا لم يكن عن تراض لم يحل الأكل وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال [ : إنما البيع عن تراض ] فدل على أنه لا بيع عن غير تراض ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح ككلمة الكفر إذا أكره عليها المسلم وإن كان بحق صح لأنه قول حمل عليه بحق فصح ككلمة الإسلام إذا أكره عليها الحربي .
فصل : ولا ينعقد البيع إلا بالإيجاب والقبول فأما المعاطاة فلا ينعقد فيها البيع لأن اسم البيع لا يقع عليه والإيجاب أن يقول بعتك أو ملكتك أو ما أشبههما والقبول أن يقول قبلت أو ابتعت أو ما أشبههما فإن قال المشتري بعني فقال البائع : بعتك انعقد البيع لأن ذلك يتضمن الإيجاب والقبول وإن كتب رجل إلى رجل ببيع سلعة فيه وجهان : أحدهما ينعقد البيع لأنه موضع ضرورة والثاني لا ينعقد وهو الصحيح لأنه قادر على النطق فلا ينعقد البيع بغيره وقول القائل الأول إنه موضع ضرورة لا يصح لأنه يمكنه أن يوكل من يبيعه بالقول .
فصل : وإذا انعقد البيع ثبت لكل واحد من المتبايعين الخيار بين الفسخ والإمضاء إلى أن يتفرقا أو يتخايرا لما روى ابن عمر Bه قال : [ قال رسول الله A البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر اختر ] والتفرق أن يتفرقا بأبدانهما بحيث إذا كلمه عن العادة لم يسمع كلامه لما روى نافع أن ابن عمر كان إذا اشترى شيئا مشى أذرعا ليجب البيع ثم يرجع ولأن التفرق في الشرع مطلق فوجب أن يحمل على التفرق المعهود وذلك يحصل بما ذكرناه وإن لم يتفرقا ولكن جعل بينهما حاجز من ستر أو غيره لم يسقط الخيار لأن ذلك لا يسمى تفرقا وأما التخاير فهو أن يقول أحدهما للآخر اختر إمضاء البيع أو فسخه فيقول الآخر اخترت إمضاءه أو فسخه فينقطع الخيار لقوله E أو يقول أحدهما للآخر اختر فإن خير أحدهما صاحبه فسكت لم ينقطع خيار المسؤول وهل ينقطع خيار السائل ؟ فيه وجهان : أحدهما لا ينقطع خياره كما لو قال لزوجته اختاري فسكتت فإن خيار الزوج في طلاقها لا يسقط والثاني أنه ينقطع لقوله E أو يقول أحدهما للآخر اختر فدل على أنه إذا قال يسقط خياره ويخالف تخيير المرأة فإن المرأة لم تكن مالكة للخيار وإذا خيرها فقد ملكها ما لم تكن تملكه فإذا سكتت بقي على حقه وههنا المشتري يملك الفسخ فلا يفيد تخييره إسقاط حقه من الخيار فإن أكرها على التفرق ففيه وجهان : أحدهما يبطل الخيار لأنه كان يمكنه أن يفسخ بالتخاير فإذا لم يفعل فقد رضي بإسقاط الخيار والثاني أنه لا يبطل لأنه لم يوجد منه أكثر من السكوت والسكوت لا يسقط الخيار .
فصل : فإن باعه على أن لا خيار له ففيه وجهان : من أصحابنا من قال يصح لأن الخيار جعل رفقا بهما فجاز لهما تركه ولأن الخيار غرر فجاز إسقاطه وقال أبو إسحاق لا يصح وهو الصحيح لأنه خيار يثبت بعد تمام البيع فلم يجز إسقاطه قبل تمامه كخيار الشفيع فإن قلنا بهذا فهل يبطل العقد بتمام الشرط ؟ فيه وجهان أحدهما لا يبطل لأن هذا الشرط لا يؤدي إلى الجهل بالعوض المعوض والثاني يبطل لأنه يسقط موجب العقد كما لو شرط ألا يسلم المبيع .
فصل : ويجوز شرط خيار ثلاثة أيام في البيوع التي لاربا فيها لما روى محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي قد بلغ ثلاثين و مائة سنة لا يترك البيع والشراء ولا يزال يخدع فقال رسول الله ( ص ) : [ من بايعته فقل لاخلابة وأنت بالخيار ثلاثا ] فأما في البيوع التي فيها الربا وهي الصرف وبيع الطعام بالطعام فلا يجوز فيها شرط الخيار لأنه لا يجوز أن يتفرقا قبل تمام المبيع ولهذا لا يجوز أن يتفرقا إلا عن قبض العوضين فلو جوزنا شرط الخيار لتفرقا ولم يتم البيع بينهما وجاز شرط الخيار في ثلاثة أيام وفيما دونهما لأنه لو جاز شرط الثلاث فما دونها أولى بذلك ولا يجوز أكثر من ثلاثة أيام لأنه غرر وإنما جوز في الثلاث لأنه رخصة فلا يجوز فيما زاد ويجوز أن يشترط لهما ولأحدهما دون الآخر ويجوز أن يشترط لأحدهما ثلاثة أيام وللآخر يوم أو يومان لأن ذلك جعل إلى شرطهما فكان على حسب الشرط فإن شرطا ثلاثة أيام ثم تخايرا سقط قياسا على خيار المجلس وإن شرط الخيار لأجنبي ففيه قولان : أحدهما لا يصح لأنه حكم من أحكام العقد فلا يثبت لغير المتعاقدين كسائر الأحكام والثاني يصح لأنه جعل إلى شرطهما للحاجة وربما دعت الحاجة إلى شرطه للأجنبي بأن يكون أعرف بالمتاع منهما فإن شرطه للأجنبي وقلنا إنه يصح فهل يثبت له ؟ فيه وجهان : أحدهما يثبت له لأنه إذا ثبت للأجنبي من جهته فلأن يثبت له أولى والثاني لا يثبت لأن ثبوته بالشرط فلا يثبت إلا لمن شرط له قال في الصرف : إذا اشترى بشرط الخيار على أن لا يفسخ حتى يستأمر فلانا لم يكن له أن يفسخ حتى يقول استأمرته فأمرني بالفسخ فمن أصحابنا من قال له أن يفسخ من غير إذنه لأن له أن يفسخ من غير شرط الاستثمار فلا يسقط حقه بذكر الاستثمار وتأول ما قاله على أنه أراد به أنه لا يقول استأمرته إلا بعد أن يستأمره لئلا يكون كاذبا ومنهم من حمله على ظاهره أنه لا يجوز أن يفسخ لأنه ثبت بالشرط فكان على ما شرط وإذا شرط الخيار في البيع ففي ابتداء مدته وجهان : أحدهما من حين العقد لأنها مدة ملحقة بالعقد فاعتبر ابتداؤها من حين العقد كالأجل ولأنه اعتبر من حين التفرق صار أول مدة الخيار مجهولا لأنه لا يعلم متى يفترقان والثاني أنه يعتبر من حين التفرق لأن ما قبل التفرق الخيار ثابت فيه بالشرع فلا يثبت فيه بشرط الخيار فإن قلنا إن ابتداءه من حين العقد فشرط أن يكون من حين التفرق بطل لأن وقت الخيار مجهول ولأنه يزيد الخيار على ثلاثة أيام ولو قلنا أن ابتداءه من حين التفرق فشرط أن يكون من حين العقد ففيه وجهان : أحدهما يصح لأن ابتداء الوقت معلوم والثاني لا يصح لأنه شرط ينافي موجب العقد فأبطله ومن ثبت له الخيار فله أن يفسخ في محضر من صاحبه وفي غيبته لأنه رفع عقد جعل إلى اختياره فجاز في حضوره وغيبته كالطلاق فإن تصرف في المبيع تصرفا يفتقر إلى الملك كالعتق و الوطء والهبة والبيع وما أشبهها نظرت فإن كان ذلك من البائع كان اختيارا للفسخ لأنه تصرف يفتقر إلى الملك فجعل اختيارا للفسخ والرد إلى الملك وإن كان ذلك من المشتري ففيه وجهان : قال أبو إسحاق : إن كان ذلك عتقا كان اختيارا للإمضاء وإن كان غيره لم يكن اختيارا لأن العتق لو وجد قبل العلم بالعيب منع الرد فأسقط خيار المجلس وخيار الشرط وما سواه لو وجد قبل العلم بالعيب لم يمنع الرد فلم يسقط خيار المجلس وخيار الشرط وقال أبو سعيد الإصطخري : الجميع اختيار للإممضاء وهو الصحيح لأن الجميع يفتقر إلى الملك فكان الجميع اختيارا للملك ولأن في حق البائع الجميع واحد فكذلك في حق المشتري فإن وطئها المشتري بحضرة البائع وهو ساكت فهل ينقطع خيار البائع بذلك ؟ فيه وجهان أحدهما ينقطع لأنه أمكنه أن يمنعه فإذا سكت كان ذلك رضا بالبيع والثاني لا ينقطع لأنه سكوت عن التصرف في ملكه فلا يسقط عليه حكم التصرف كما لو رأى رجلا يخرق ثوبه فسكت عنه فإن جن من له الخيار أو أغمي عليه انتقل الخيار إلى الناظر في ماله وإن مات فإن كان في خيار الشرط انتقل الخيار إلى من ينتقل إليه المال لأنه حق ثابت لإصلاح المال كالرهن وحبس المبيع على الثمن فإن لم يعلم والوارث حتى انقضت المدة ففيه وجهان : أحدهما يثبت له الخيار في القدر الذي بقي من المدة لأنه لما انتقل الخيار إلى غير من شرط له بالموت وجب أن ينتقل إلى غير الزمان الذي شرط فيه والثاني أن تسقط المدة ويثبت الخيار للوارث على الفور لأن المدة فاتت وبقي الخيار فكان على الفور كخيار الرد بالعيب وإن كان في خيار المجلس فقد روى المزني أن الخيار للوارث وقال في المكاتب إذا مات وجب البيع فمن أصحابنا من قال لا يسقط الخيار بالموت في المكاتب وغيره وقوله في المكاتب وجب البيع أراد به أن ينفسخ بالموت كما تنفسخ الكتابة ومنهم من قال يسقط الخيار في بيع المكاتب ولا يسقط في بيع غيره لأن السيد يملك بحق الملك فإذا لم يملك في حياة المكاتب لم يملك بعد موته والوارث يملك بحق الإرث فانتقل إليه بموته ومنهم من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وخرجهما على قولين : أحدهما أنه يسقط الخيار لأنه إذا سقط الخيار بالتفرق فلأن يسقط بالموت والتفرق فيه أعظم أولى والثاني لا يسقط وهو الصحيح لأنه خيار ثابت لفسخ البيع فلم يبطل بالموت كخيار الشرط فعلى هذا إن كان الذي ينتقل إليه الخيار حاضرا ثبت له الخيار إلى أن يتفرقا أو يتخايرا وإن كان غائبا ثبت له الخيار إلى أن يفارق الموضع الذي بلغه فيه .
فصل : وفي الوقت الذي ينتقل الملك في البيع الذي فيه خيار المجلس أو خيار الشرط ثلاثة أقوال : أحدها ينتقل بنفس العقد لأنه عقد معاوضة يوجب الملك فانتقل الملك فيه بنفس العقد كالنكاح والثاني أنه يملك بالعقد وانقضاء الخيار لأنه لا يملك التصرف إلا بالعقد وانقضاء الخيار فدل على أنه لا يملك إلا بهما والثالث أنه موقوف مراعى فإن لم ينفسخ العقد تبينا أنه ملك بالعقد وإن فسخ تبينا أنه لم يملك لأنه لا يجوز أنه يملك بالعقد لأنه لو ملك بالعقد لملك التصرف ولا يجوز أن يملك بانقضاء الخيار لأن انقضاء الخيار لا يوجب الملك فثبت أنه موقوف مراعى فإن كان المبيع عبدا فأعتقه البائع نفذ عتقه لأنه إن كان باقيا على ملكه فقد صادف العتق ملكه وإن كان قد زال ملكه عنه إلا أن يملك الفسخ فجعل العتق فسخا وإن أعتقه المشتري لم يخل إما أن يفسخ البائع البيع أو لا يفسخ فإن لم يفسخ وقلنا إنه يملكه بنفس العقد أو قلنا إنه موقوف نفذ عتقه لأنه صادف ملكه وإن قلنا إنه لا يملك بالعقد م يعتق لأنه لم يصادف ملكه وإن فسخ البائع وقلنا إنه لا يملك بالعقد أو موقوف لم يعتق لأنه لم يصادف ملكه وإن قلنا إنه يملك بالعقد ففيه وجهان : قال أبو العباس إن كان موسرا عتق وإن كان معسرا لم يعتق لأن العتق صادف ملكه وقد تعلق به حق الغير فأشبه عتق المرهون ومن أصحابنا من قال لا يعتق وهو المنصوص لأن البائع اختار الفسخ والمشتري اختار الإجازة بالعتق والفسخ والإجازة إذا اجتمعا قدم الفسخ ولهذا لو قال المشتري أجزت وقال البائع بعده فسخت قدم الفسخ وبطلت الإجازة وإن كانت سابقة للفسخ فإن قلنا لا يعتق عاد العبد إلى ملك البائع وإن قلنا يعتق فهل يرجع البائع بالثمن أو بالقيمة ؟ قال أبو العباس يحتمل وجهين : أحدهما يرجع بالثمن ويكون العتق مقررا للعقد ومبطلا للفسخ والثاني أنه يرجع بالقيمة لأن البيع انفسخ وتعذر الرجوع إلى العين فرجع إلى قيمته كما لو اشترى عبدا بثوب واعتق العبد ووجد البائع بالثوب عيبا فرده فإنه يرجع بقيمة العبد فإن باع البائع المبيع أو وهبه صح لأنه إما أن يكون على ملكه فيملك العقد عليه وإما أن يكون للمشتري إلا أنه يملك الفسخ فجعل البيع والهبة فسخا وإن باع المشتري المبيع أو وهبه نظرت فإن كان بغير رضى البائع فإن قلنا إنه في ملك البائع لم يصح تصرفه وإن قلنا إنه في ملكه ففيه وجهان : قال أبو سعيد الاصطخري : يصح وللبائع أن يختار الفسخ فإذا فسخ بطل تصرف المشتري ووجهه أن التصرف صادف ملكه الذي ثبت للغير فيه حق الانتزاع فأشبه إذا اشترى شقصا فيه شفعة فباعه ومن أصحابنا من قال لا يصح لأنه باع عينا تعلق بها حق الغير من غير رضاه فلم يصح كما لو باع الراهن المرهون فأما إذا تصرف فيه برضى البائع نظرت فإن كان عتقا نفذ لأنهما رضيا بإمضاء البيع وإن كان بيعا أو هبة ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه ابتدأ بالتصرف قبل أن يتم ملكه والثاني يصح لأن المنع من التصرف لحق البائع وقد رضي البائع .
فصل : وإن كان المبيع جارية لم يمنع البائع من وطئها لأنها باقية على ملكه في بعض الأقوال ويمكن ردها إلى ملكه في بعض الأقوال فإذا وطئها انفسخ البيع ولا يجوز للمشتري وطؤها لأن في أحد الأقوال لا يملكها وفي الثاني مراعي فلا يعلم هل يملكها أم لا وفي الثالث يملكها ملكا غير مستقر فإن وطئها لم يجب الحد وإن أحبلها ثبت نسب الولد وانعقد الولد حرا لأنه إما أن يكون في ملك أو في شبهة ملك وأما المهر وقيمة الولد وكون الجارية أم ولد فإنه يبنى على الأقوال فإن أجاز البائع البيع بعد وطء المشتري وقلنا إن الملك للمشتري أو موقوف لم يلزمه المهر ولا قيمة الولد وتصير الجارية أم ولد لأنها مملوكته وإن قلنا إن الملك للبائع فعليه المهر وقال أبو إسحاق : لا يلزمه كما لا تلزمه أجرة الخدمة والمذهب الأول لأنه وطء في ملك البائع ويخالف الخدمة فإن الخدمة تستباح بالإباحة والوطء لا يستباح وفي قيمة الولد وجهان : أحدهما لا تلزمه لأنها وضعته في ملكه والاعتبار بحال الوضع ألا ترى أن قيمة الولد تعتبر حال الوضع والثاني تلزمه لأن العلوق حصل في غير ملكه والاعتبار بحال العلوق لأنها حالة الإتلاف وإنما تأخر التقويم إلى حال الوضع لأنه لا يمكن تقويمه في حال العلوق وهل تصير الجارية أم ولد ؟ فيه قولان كما قلنا فيمن أحبل جارية غيره بشبهة فأما إذا فسخ البيع وعادت إلى ملكه فإن قلنا إن الملك للبائع أو موقوف وجب عليه المهر وقيمة الولد ولا تصير الجارية في الحال أم ولد وهل تصير أم ولد إذا ملكها ؟ فيه قولان وإن قلنا إن الملك للمشتري لم يجب عليه المهر لأن الوطء صادف ملكه ومن أصحابنا من قال : يجب لأن لم يتم ملكه عليها وهذا يبطل به إذا أجاز البائع البيع وعلى قول أبي العباس تصير أم ولد كما تعتق إذا أعتقها عنده وهل يرجع البائع بقيمتها أو بالثمن ؟ فيه وجهان : وقد بينا ذلك في العتق وعلى المنصوص أنها لا تصير أم ولد له لأن حق البائع سابق فلا يسقط بإحبال المشتري فإن ملكها المشتري بعد ذلك صارت أم ولد لأنها لم تصر أم ولد له في الحال لحق البائع فإذا ملكها صارت أم ولد .
فصل : وإن اشترى جارية فولدت في مدة الخيار بنينا على أن الحمل هل له حكم في البيع وفيه قولان : أحدهما له حكم ويقابله قسط من الثمن وهو الصحيح لأن ما أخذ قسطا من الثمن بعد الانفصال أخذ قسطا من الثمن قبل الانفصال كاللبن والثاني لا حكم له و لا قسط له من الثمن لأنه يتبعها في العتق فلم يأخذ قسطا من الثمن كالأعضاء فإن قلنا إن له حكما فهو مع الأم بمنزلة العينين المبيعتين فإن أمضى العقد كانا للمشتري وإن فسخ العقد كانا للبائع كالعينين المبيعتين وإن قلنا لا حكم له نظرت فإن أمضى العقد وقلنا إن الملك ينتفل بالعقد أو موقوف فهما للمشتري وإن قلنا إنه يملك بالعقد وانقضاء الخيار فالولد للبائع وإن قلنا يملك بالعقد فهو للمشتري وقال أبو اسحاق الولد للبائع لأن على هذا القول لا ينفذ عتق المشتري وهذا خطأ لأن العتق يفتقر إلى ملك تام والنماء لا يفتقر إلى ملك تام .
فصل : وإن تلف المبيع في يد المشتري في مدة الخيار فلمن له الخيار الفسخ والإمضاء لأن الحاجة التي دعت إلى الخيار باقية بعد تلف المبيع فإن فسخ وجبت القيمة على المشتري لأنه تعذر رد العين فوجب رد القيمة وإن أمضى العقد فإن قلنا إنه يملك بنفس العقد أو موقوف فقد هلك من ملكه وإن قلنا يملك بالعقد وانقضاء الخيار وجب على المشتري قيمته والله أعلم