كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت .
المستحب لكل احد أن يكثر ذكر الموت لما روى عبد الله بن مسعود أن رسول الله A قال لأصحابه [ إستحيوا من الله حق الحياء ] قالوا إنا نستحي يا نبي الله والحمد لله قال [ ليس كذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى وليحفظ البطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ] وينبغي أن يستعد للموت بالخروج من المظالم والإقلاع من المعاصي والإقبال على الطاعات لما روى البراء بن عازب أن النبي A أبصر جماعة يحفرون قبرا فبكى حتى بل الثرى بدموعه وقال : إخواني لمثل هذا فأعدوا .
فصل : ومن مرض استحب له أن يصبر لما روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله A فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يشفيني ؟ فقال [ إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك ] فقالت : أصبر ولا حساب علي ويستحب أن يتداوى لما روى أبو الدرداء أن رسول الله A قال [ إن الله D أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بالحرام ] ويكره أن يتمنى الموت لما روى أنس أن النبي A قال [ لا يتمنين أحدكم الموت لضيق نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل أللهم أحيني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ] وينبغي أن يكون حسن الظن بالله D لما روى جابر أن النبي A قال : [ لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله D ] ويستحب عيادة المريض لما روى البراء بن عازب قال : أمرنا رسول الله A باتباع الجنائز وعيادة المرضى فإن رجاه دعا له والمستحب أن يقول أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات لما روي أن النبي A قال : [ من عاد مريضا لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك عافاه الله تعالى من ذلك المرض ] وإن رآه منزولا به فالمستحب أن يلقنه قول لا إله إلا الله لما روى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله A : [ لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ] وروى معاذ أن النبي A قال : [ من كان أخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة ] ويستحب أن يقرأ عنده سورة يس لما روى معقل بن يسار أن رسول الله A قال : [ اقرؤوا على موتاكم يعني يس ] ويستحب أن يضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة لما روت سلمى أم ولد رافع قالت فاطمة بنت رسول الله A ضعي فراشي ههنا واستقبلي بي القبلة ثم قامت واغتسلت كأحسن ما يغتسل ولبست ثيابا جددا ثم قالت : تعلمين أني مقبوضة الآن ثم استقبلت القبلة وتوسدت يمينها .
فصل : فإذا مات تولى أرفقهم به إغماض عينيه لما روت أم سلمة Bها قالت : دخل رسول الله A على أبي سلمة فأغمض بصره ثم قال : [ إن الروح إذا قبض تبعه البصر ] ولأنه إذا لم يغمض بقيت مفتوحة فيقبح منظره ويشد حييه بعصابة لأنه إذا لم يفعل ذلك استرخى لحياه وانفتح فوه وقبح منظره وربما دخل إلى فيه شيء من الهوام وتلين مفاصله لأنه أسهل في الغسل ولأنها تبقى جافية فلا يمكن تكفينه وتخلع ثيابه لأن الثياب تحمى الجسم فيسرع إليه التغيير والفساد ويجعل على سرير أو لوح حتى لا تصيبه نداوة الأرض فتغيره ويجعل على بطنه حديدة لما روي أن مولى أنس مات فقال أنس : ضعوا على بطنه حديدة لئلا ينتفخ فإن لم تكن جديدة جعل عليه طين رطب ويسجى بثوب لما روت عائشة Bها أن النبي A سجي بثوب حبرة ويسارع إلى قضاء دينه والتوصل إلى إبرائه منه لما روى أبو هريرة قال قال رسول الله A : [ نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى ] ويبادر إلى تجهيزه لما روى علي عليه السلام أن رسول الله A قال : [ ثلاث لا تؤخر وهن الصلاة والجنازة والأيم إذا وجدت كفؤا ] فإن مات فجأة ترك حتى يتيقن موته .
( كل امرئ ستئيم منهالعرس أو منها يئيم ) .
والكفو المثل ومنه { ولم يكن له كفوا أحد } بضم الفاء وإسكانها قوله : ( فجأه ) أي بغته من غير مرض ولا لسبب يقال فجئه الأمر يفجؤه وكذلك فجاءة بالكسر والفتح وفجأة والضم والمد