باب التقاط المنبوذ يوجد معه الشيء بما وضع بخطه لا أعلمه سمع منه ومن مسائل شتى سمعتها منه لفظا .
قال الشافعي C فيما وضع بخطه : ما وجد تحت المنبوذ من شيء مدفون من ضرب الإسلام أو كان قريبا منه فهو لقطة أو كانت دابة فهي ضالة فإن وجد على دابته أو على فراشه أو على ثوبه مال فهو له وإن كان ملتقطه غير ثقة نزعه الحاكم منه وإن كان ثقة وجب أن يشهد بما وجد له وأنه منبوذ ويأمره بالإنفاق منه عليه بالمعروف وما أخذ ثمنه المتقط وأنفق منه عليه بغير أمر الحاكم فهو ضامن فإن لم يوجد له مال وجب على الحاكم أن ينفق عليه من مال الله تعالى فإن لم يفعل حرم تضييعه على من عرفه حتى يقام بكفالته فيخرج من بقي من المأثم ولو أمره الحاكم أن يستسلف ما أنفق عليه يكون عليه دينا فما ادعى قبل منه إذا كان مثله قصدا قال المزني : لا يجوز قول أحد فيما يتملكه على أحد لأنه دعوى وليس كالأمين يقول فيبرأ قال الشافعي ولو وجده رجلان فتشاحاه أقرعت بينهما فمن خرج سهمه دفعته إليه وإن كان الآخر خيرا له إذا لم يكن مقصرا عما فيه مصلحته وإن كان أحدهما مقيما بالمصر والآخر من غير أهله دفع إلى المقيم وإن كان قرويا وبدويا دفع إلى القروي لأن القرية خير له من البادية وإن كان عبدا وحرا دفع إلى الحر وإن كان مسلما ونصرانيا في مصر به أحد من المسلمين وإن كان الأقل دفع إلى المسلم وجعلتة مسلما وأعطيته من سهمان المسلمين حتى يعرب عن نفسه فاذا أعرب عن نفسه فامتنع من الإسلام لم يبن لي أن أقلته ولا أجبره على الإسلام وإن وجد في مدينة أهل الذمة لا مسلم فيهم فهو ذمي في الظاهر حتى يصف الإسلام بعد البلوغ ولو أراد الذي التقطه الطعن به فإن كان يؤمن أن يسترقه فذلك له وإلا منعه وجنايته خطأ على جماعة المسلمين والجناية عليه على عاقلة الجاني فإن قتل عمدا فللإمام القود أو العقل وإن كان جرحا حبس له الجارح حتى يبلغ فيختار القود أو الأرش فإن كان معتوها فقيرا أحببت للإمام أن يأخذ له الأرش وينفقه عليه وهو في معنى الحر حتى يبلغ فيقر فإن أقر بالرق قبلته ورجعت عليه بما أخذه وجعلت جنايته في عنقه ولو قذفه قاذف لم أحد له حتى أسأله فإن قال : أنا حر حددت قاذفه وإن قذف حرا حد قال المزني C : وسمعته يقول اللقيط حر لأن أصل الادميين الحرية إلا من ثبتت عليه العبودية ولا ولاء عليه كما لا أب له فإن مات فميراثه لجماعة المسلمين قال المزني : هذا كله يوجب أنه حر قال المزني C : وقوله المعروف أنه لا يحد القاذف إلا أن تقوم بينة للمقذوف أنه حر لأن الحدود تدرأ بالشبهات قال الشافعي C : ولو ادعاه الذي وجده ألحقته به فإن ادعاه آخر أريته القافة فإن ألحقوه بالاخر أريتهم الأول فإن قالوا : إنه ابنهما لم ننسبه إلى أحدهما حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما وإن لم يلحق بالاخر فهو ابن الأول قال : ولو ادعى اللقيط رجلان فأقام كل واحد منهما بينة أنه كان في يده جعلته للذي كان في يده أولا وليس هذا كمثل المال ودعوة المسلم والعبد والذمي سواء غير أن الذمي إذا ادعاه ووجد في دار الإسلام فألحقته به أحببت أن أجعله مسلما في الصلاة عليه وأن آمره إذا بلغ بالإسلام من غير إجبار وقال في كتاب الدعوى : إنا نجعله مسلما لأنا لا نعلمه كما قال قال المزني : عندي هذا أولى بالحق لأن من ثبت له حق لم يزل حقه بالدعوى فقد ثبت للإسلام أنه من أهله وجرى حكمه عليه بالدار فلا يزول حق الإسلام بدعوى مشرك قال الشافعي C : فإن أقام بينة أنه ابنه بعد أن عقل ووصف الإسلام ألحقناه به ومنعناه أن ينصره فإذا بلغ فامتنع من الإسلام لم يكن مرتدا نقلته وأحبسه وأخيفه رجاء رجوعه قال المزني C : قياس من جعله مسلط أن لا يرده إلى النصرانية قال الشافعي C : ولا دعوة للمرأة إلا ببينة فإن أقامت امرأتان كل واحدة منهما بينة أنه ابنها لم أجعله ابن واحدة منهما حتى أريه القافة فإن ألحقوه بواحدة لحق بزوجها ولا ينفيه إلا باللعان قال المزني C : مخرج قول الشافعي في هذا أن الولد للفراش وهو الزوج فلما ألحقته القافة بالمرأة كان زوجها فراشا يلحقه ولدها ولا ينفيه إلا بلعان قال الشافعي C : وإذا ادعى الرجل اللقيط أنه عبده لم أقبل البينة حتى تشهد أنها رأت أمة فلان ولدته وأقبل أربع نسوة وإنما منعني أن أقبل شهوده أنه عبده لأنه قد يرى في يده فيشهد أنه عبده وقال في موضع آخر : إن أقام بينة أنه كان في يده قبل التقاط الملتقط أرفقته له قال المزني : هذا خلاف قوله الأولى وأولى بالحق عندي من الأول قال الشافعي C : وإذا بلغ اللقيط فاشترى وباع ونكح وأصدق ثم أقر بالرق لرجل ألزمته ما يلزمه قبل إقراره وفي إلزامه الرق قولان أحدهما : أن إقراره يلزمه في نفسه وفي الفضل من ماله عما لزمه ولا يصدق في حق غيره ومن قال أصدقه في الكل قال لأنه مجهول الأصل ومن قال القول الأول قاله في امرأة نكحت ثم أقرت بملك لرجل لا أصدقها على إفساد النكاح ولا ما يجب عليها للزوج وأجعل طلاقه إياها ثلاثا وعدتها ثلاث حيضر وفي الوفاة عدة أمة لأنه ليس عليها في الوفاة حق يلزمها له وأجعل ولده قبل الإقرار ولد حرة وله الخيار فإن أقام على النكاح كان ولده رقيقا وأجعل ملكها لمن أقرت له بأنها أمته قال المزني C : أجمعت العلماء أن من أقر بحق لزمه ومن ادعاه لم يجب له بدعواه وقد لزمتها حقوق بإقرارها فليس لها إبطالها بدعواه قال الشافعي C : ولا أقر اللقيط بأنه عبد لفلان وقال الفلان ما ملكته قط ثم أقر لغيره بالرق بعد لم أقبل إقراره وكان حرا في جميع أحواله