التيمم فعفى جل ثناؤه عن الرأس والرجلين وأمر بأن تيمم الوجه واليدين وكان اسم اليدين يقع على الكفين والذراعين وعلى الذراعين والمرفقين فلم يكن معنى أولى أن يؤخذ به مما فرض الله في الوضوء من غسل الذراعين والمرفقين لأن التيمم بدل من الوضوء والبدل إنما يؤتى به على ما يؤتى به في المبدل عنه .
قال الشافعي .
وروي عن عمار أن النبي أمره أن ييمم وجهه وكفيه قال فلا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمر النبي إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي أمر بالتيمم على الوجه والكفين أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا فاختلفت روايته عنه فتكون رواية بن الصمة التي لم تختلف أثبت فإذا لم تختلف فأولى أن يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله من الروايتين اللتين رويتا مختلفتين أو يكون إنما سمع آية التيمم عند حضور الصلاة فتيمموا واحتاطوا فأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء فلما صاروا إلى مسألة النبي أخبرهم أنه يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا وهذا أولى المعاني عندي برواية بن شهاب من حديث عمار بما وصفت من الدلائل قال وإنما منعنا أن نأخذ برواية عمار في أن تيمم الوجه والكفين ثبوت الخبر عن رسول الله أنه مسح وجهه وذراعيه وأن هذا التيمم أشبه بالقرآن وأشبه بالقياس بأن البدل من الشيء إنما يكون مثله .
( باب صلاة الإمام جالسا ومن خلفه قياما ) .
حدثنا الربيع قال .
قال الشافعي .
إذا لم يقدر الإمام على القيام فصلى بالناس جالسا صلى الناس وراءه إذا قدروا على القيام قياما كما يصلي هو قائما ويصلي من خلفه إذا لم يقدروا على القيام جلوسا فيصلي كل فرضه وقد روي عن النبي E فيما قلت شيء منسوخ وناسخ أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله ركب فرسا فصرع فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد فصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون .
قال الشافعي .
وهذا ثابت عن رسول الله منسوخ بسنته وذلك أن أنسا روى أن النبي صلى جالسا من سقطة من فرس في مرضه وعائشة تروي ذلك وأبو هريرة يوافق روايتهما وأمر من خلفه في هذه العلة بالجلوس إذا صلى جالسا ثم تروي عائشة أن النبي صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا والناس خلفه قياما قال وهي آخر صلاة صلاها بالناس حتى لقي الله تعالى وهذا لا يكون إلا ناسخا أخبرنا الثقة يحيى بن حسان أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله كان وجعا فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم وذكر إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي مثل معناه أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن بن أبي مليكة عن عبيد بن عمير عن النبي مثل معناه لا يخالفه .
قال الشافعي .
وفي حديث أصحابنا مثل ما في هذا وأن ذلك في مرض النبي الذي مات فيه فنحن لم نخالف الأحاديث الأولى إلا بما يجب علينا من أن نصير إلى الناسخ الأولى كانت حقا في وقتها ثم نسخت فكان الحق فيما نسخها وهكذا كل منسوخ يكون الحق ما لم ينسخ فإذا نسخ كان الحق في ناسخه وقد روي في هذا الصنف شيء يغلط فيه بعض من يذهب إلى الحديث وذلك أن عبد الوهاب أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر أنهم خرجوا يشيعونه وهو مريض فصلى جالسا وصلوا خلفه جلوسا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن حضير فعل ذلك قال الشافعي وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول الله لا يعلم خلافه عن رسول الله فيقول بما علم ثم لا يكون في قوله بما علم وروى حجة على أحد علم أن رسول الله قال قولا أو عمل عملا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعلمه كما لم يكن في رواية من روى أن النبي صلى جالسا وأمر بالجلوس وصلى جابر بن عبد الله وأسيد بن الحضير وأمرهما بالجلوس وجلوس من خلفهما حجة على من علم عن رسول الله شيئا ينسخه وفي هذا دليل على أن علم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض وأنه ليس كعلم العامة الذي لا يسع جهله ولهذا أشباه كثيرة وفي هذا دليل على ما في معناه منها باب صوم يوم عاشوراء حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي يصومه في الجاهلية فلما قدم النبي صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه أخبرنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء وهو على المنبر منبر رسول الله وقد أخرج قصة من شعر يقول أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم ثم قال سمعت رسول الله يقول في مثل هذا اليوم إني صائم فمن شاء منكم فليصم أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية عام حج وهو على المنبر يقول يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله يقول لهذا اليوم هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء منكم فليصم ومن شاء فليفطر أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر قال ذكر رسول الله يوم عاشوراء فقال النبي كان يوما يصومه أهل الجاهلية فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كرهه فليدعه أخبرنا سفيان أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول سمعت بن عباس يقول ما علمت رسول الله صام يوما يتحرى صيامه فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعني يوم عاشوراء قال الشافعي وليس من هذه الأحاديث شيء مختلف عندنا والله أعلم إلا شيئا ذكره في حديث عائشة وهو مما وصفت من الأحاديث التي يأتي بها المحدث ببعض دون بعض فحديث بن أبي ذئب عن عائشة كان رسول الله يصوم يوم عاشوراء ويأمرنا بصيامه لو انفرد كان ظاهره أن عاشوراء كان فرضا وذكر مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صامه في الجاهلية وأمر بصيامه فلما نزل رمضان كان الفريضة وترك عاشوراء قال الشافعي لا يحتمل قول عائشة ترك عاشوراء معنى يصح إلا ترك إيجاب صومه إذ علمنا أن كتاب الله بين لهم أن شهر رمضان المفروض صومه وأبان لهم ذلك رسول الله وترك إيجاب صومه وهو أولى الأمور عندنا لأن حديث بن عمر ومعاوية عن رسول الله أن الله لم يكتب صوم يوم عاشوراء على الناس ولعل عائشة إن كانت ذهبت إلى أنه كان واجبا ثم نسخ قالته لأنه يحتمل أن تكون رأت النبي لما صامه وأمر بصومه كان صومه فرضا ثم نسخه ترك أمره فمن شاء أن يدع صومه ولا أحسبها ذهبت إلى هذا ولا ذهبت إلا إلى المذهب الأول لأن الأول هو موافق القرآن أن الله فرض الصوم فأبان أنه شهر رمضان ودل حديث بن عمر ومعاوية عن النبي A على مثل معنى القرآن بأن لا فرض في الصوم إلا رمضان وكذلك قول بن عباس ما علمت رسول الله صام يومه يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعني يوم عاشوراء كأنه يذهب يتحرى فضله في التطوع بصومه باب الطهارة بالماء حدثنا الربيع قال قال الشافعي Bه قال الله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا وقال في الطهارة فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فدل على أن الطهارة بالماء كله حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا الثقة عن بن أبي ذئب عن الثقة عنده عمن حدثه أو عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سأل رسول الله A فقال إن بئر بضاعة يطرح فيها الكلاب والحيض فقال النبي إن الماء لا ينجسه شيء أخبرنا الثقة من أصحابنا عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله A إذا كان الماء