كتاب الجزية .
أخبرنا الربيع بن سليمان قال : أخبرنا الشافعي قال : قال الله تبارك وتعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } قال الشافعي C تعالى : خلق الله تعالى الخلق لعبادته ثم أبان جل وعلا أن خيرته من خلقه أنبياؤه فقال تبارك اسمه : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين } فجعل النبيين صلى الله عليهم وسلم من أصفيائه دون عباده بالأمانة على وحيه والقيام بحجته فيهم ثم ذكر من خاصته صفوته فقال جل وعز : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } فخص آدم ونوحا بإعادة ذكر اصطفائهما وذكر إبراهيم فقال جل ثناؤه : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } وذكر إسماعيل بن إبراهيم فقال عز ذكره : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا } ثم أنعم الله D على آل إبراهيم وعمران في الأمم فقال تبارك وتعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم } قال الشافعي C تعالى : ثم اصطفى الله D سيدنا محمدا A من خير آل إبراهيم وأنزل كتبه قبل إنزاله الفرقان على محمد A بصفة فضيلته وفضيلة من اتبعه به فقال D : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا } الآية وقال لأمته : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } ففضيلتهم بكينونتهم من أمته دون أمم الأنبياء ثم أخبر جل وعز أنه جعله فاتح رحمته عند فترة رسله فقال : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير } وقال : { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } وكان في ذلك ما دل على أنه بعث إلى خلقه لأنهم كانوا أهل كتاب أو أميين وأنه فتح به رحمته وختم به نبوته فقال D : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } وقضى أن أظهر دينه على الأديان فقال D : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } وقد وصفنا بيان كيف يظهره على الدين في غير هذا الموضع .
مبتدأ التنزيل والفرض على النبي A ثم على الناس .
قال الشافعي C تعالى : ويقال - والله تعالى أعلم - إن أول ما أنزل الله D على رسوله A : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } قال الشافعي C تعالى : لما بعث الله تعالى محمدا A أنزل عليه فرائضه كما شاء لا معقب لحكمه ثم أتبع كل واحد منها فرضا بعد فرض في حين غير حين الفرض قبله قال الشافعي C تعالى : ويقال - والله تعالى أعلم - إن أول ما أنزل الله عليه : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين فمرت لذلك مدة ثم يقال : أتاه جبريل عليه السلام عن الله D بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ويدعوهم إلى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب وأن يتناول فنزل عليه : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } فقال يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حين تبلغ ما أنزل إليك ما أمر به فاستهزأ به قوم فنزل عليه : { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين } قال الشافعي : وأعلمه من علمه منهم أنه لا يؤمن به فقال : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا } قرأ الربيع إلى : { بشرا رسولا } قال الشافعي : وأنزل الله D فيما يثبته به إذا ضاق من أذاهم : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك } إلى آخر السورة ففرض عليه إبلاغهم وعبادته ولم يفرض عليه قتالهم وأبان ذلك في غير آية من كتابه ولم يأمره بعزلتهم وأنزل عليه : { قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون } وقوله : { فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } قرأ الربيع الآية وقوله : { ما على الرسول إلا البلاغ } مع أشياء ذكرت في القرآن في غير موضع في مثل هذا المعنى وأمرهم الله D بأن لا يسبوا أندادهم فقال D : { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } الآية مع ما يشبهها قال الشافعي : ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الحال التي فرض فيها عزلة المشركين فقال : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } مما فرض عليه فقال : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها } قرأ الربيع إلى { إنكم إذا مثلهم }