الخلاف والموافقة في أكل كل ذي ناب من السباع وتفسيره .
قال الشافعي C : قال لي بعض من يوافقنا في تحريم كل ذي ناب من السباع : ما لكل ذي ناب من السباع لا تحرمه دون ما خرج من هذه الصفة ؟ قلت له : العلم يحيط ـ إن شاء الله تعالى ـ أن رسول الله A إذا قصد أن يحرم من السباع موصوفا فإنما قصد قصد تحريم بعض السباع دون بعض السباع كما لو قلت : قد أوصيت لكل شاب بمكة أو لكل شيخ بمكة أولكل حسن الوجه بمكة كنت قد قصدت بالوصية قصد صفة دون صفة وأخرجت من الوصية من لم تصف أن له وصيتك قال : أجل ولولا أنه خص تحريم السباع لكان أجمع وأقرب ولكنه خص بعضا دون بعض بالتحريم قال الشافعي : فقلت له : هذه المنزلة الأولى من علم تحريم كل ذي ناب فسل عن الثانية قال : هل منها شيء مخلوق له ناب وشيء مخلوق لا ناب له قلت : ما علمته قال : فإن لم تكن تختلف فتكون الأنياب لبعضها دون بعض فكيف القول فيها ؟ قلت : لا معنى في خلق الأنياب في تحليل ولا تحريم لأني لا أجد إذا كانت في خلق الأنياب سواء شيئا أنفيه خارجا من التحريم ولا بد م نإخراج بعضها من التحريم إذا كان في سنة رسول الله A إخراجه قال : أجل هذا كما وصفت ولكن ما أردت بهذا ؟ قلت : أردت أن يذهب غلطك إلى أن التحريم والتحليل في خلق الأنياب قال : ففيم ؟ قلت : في معناه دون خلقه فسل عن الناب الذي هو غاية علم كل ذي ناب قال : فاذكره أنت قلت : كل ما كان يعدو منها على الناس بقوة ومكابرة في نفسه بنابه دون مالا يعدو قال : ومنها ما لا يعدو على الناس بمكابرة دون غيره منها ؟ قلت : نعم قال : فاذكر ما يعدو قلت : يعدو الأسد والنمر والذئب قال : فاذكر ما يعدو مكابرة على الناس قلت : الضبع والثعلب وما أشبهه قال : فلا معنى له غير ما وصفت ؟ قلت : وهذا المعنى الثاني وإن كانت كلها مخلوق له ناب قال الشافعي : وقلت له : سأزيد في تبيينه قال : ما أحتاج بعد ما وصفت إلى زيادة ولقلما يمكن إيضاح شيء إمكان هذا قلت : أوضحه لك ولغيرك ممن لم يفهم منه ما فهمت أو أفهمه فذهب إلى غيره قال : فاذكره