باب أين محل هدي الصيد .
قال الشافعي : قال الله تعالى : { هديا بالغ الكعبة } قال الشافعي : فلما كان كل ما أريد به هدي من مالك ابن آدم هديا كانت الأنعام كلها وكل ما أهدي فهو بمكة والله أعلم ولو خفي عن أحد أن هذا هكذا ما انبغى - والله أعلم - أن يخفى عليه إذا كان الصيد إذا جزي بشيء من النعم لا يجزي فيه إلا أن يجزى بمكة فعلم أن مكة أعظم أرض الله تعالى حرمة وأولاده أن تنزه عن الدماء لولا ما عقلنا من حكم الله في أنه للمساكين الحاضرين بمكة فإذا عقلنا هذا عن الله D فكان جزاء الصيد بطعام لم يجز - والله أعلم - إلا بمكة وكما عقلنا عن الله ذكر الشهادة في موضعين من القرآن بالعدل وفي مواضع فلم يذكر العدل وكانت الشهادات وإن افترقت تجتمع في أنه يؤخذ بها اكتفينا أنها كلها بالعدل ولم نزعم أن الموضع الذي لم يذكر الله D فيه العدل معفو عن العدل فيه فلو أطعم في كفارة صيد بغير مكة لم يجز عنه وأعاد الإطعام بمكة أو بمنى فهو من مكة لأنه لحاضر الحرم ومثل هذا كل ما وجب على محرم بوجه من الوجوه من فدية أذى أو طيب أو لبس أو غيره لا يخالفه في شيء لأن كله من جهة النسك والنسك إلى الحرم ومنافعه للمساكين الحاضرين الحرم ( قال ) : ومن حضر الكعبة حين يبلغها الهدي من النعم أو الطعام من مسكين كان له أهل بها أو غريب لأنهم إنما أعطوا بحضرتها وإن قل فكان يعطى بعضهم دون بعض أجزأه أن يعطى مساكين الغرباء دون أهل مكة ومساكين أهل مكة دون مساكين الغرباء وأن يخلط بينهم ولو آثر به أهل مكة لأنهم يجمعون الحضور والمقام لكان كأنه أسرى إلى القلب والله أعلم فإن قال قائل : فهل قال هذا أحد يذكر قوله ؟ قيل : أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : { فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين } قال : من أجل أنه أصابه في حرم يريد البيت كفارة ذلك عند البيت أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال له مرة أخرى : يتصدق الذي يصيب الصيد بمكة قال الله D : { هديا بالغ الكعبة } قال فيتصدق بمكة قال الشافعي : يريد عطاء : ما وصفت من الطعام والنعم كله هدي والله أعلم