غسل الميت .
أخبرنا الربيع بن سليمان قال : لم أسمع هذا الكتاب من الشافعي وإنما أقرؤه على المعرفة قال الشافعي : أول ما يبدأ به من يحضر الميت من أوليائه أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه وأن يشد تحت لحييه عصابة عريضة وتربط من فوق رأسه كيلا يسترخي لحيه الأسفل فينفتح فوه ثم يجسو بعد الموت ولا ينطبق ويرد يديه حتى يلصقها بعضديه ثم يبسطهما ثم يردهما ثم يبسطهما مرات ليبقى لينما فلا يجسو وهم إذا لينا عند خروج الروح تباقى لينهما إلى وقت دفنه ففكتا وهما لينتان ويلين كذلك أصابعه ويرد رجليه من باطن حتى يلصقهما ببطون فخذيه كما وصفت فيما يصنع في يده ويضع على باطنه شيئا من طين أو لبنة أو حديدة سيف أو غيره فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو ويخرج من تحته الوطىء كله ويفضي به إلى لوح إن قدر عليه أو سرير ألواح مستو فإن بعض أهل التجربة يزعم أنه يسرع انتفاخه على الوطىء ويسلب ثيابا إن كانت عليه ويسجي ثوبا يغطي به جميع جسده ويجعل من تحت رجله ورأسه وجنبيه لئلا ينكشف فإذا أحضروا له غسله وكفنه وفرغوا من جهازه فإن كان على يديه وفي شعر فمن الناس من كره أخذه عنه ومنهم من أرخص فيه فمن أرخص فيه لم ير بأسا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم ويأخذ من شاربيه ويقلم من أظفاره ويصنع به بعد الموت ما كان فطرة في الحياة ولا يأخذ من شعر رأسه ولا لحيته شيئا لأن ذلك إنما يؤخذ زينة أو نسكا وما وصفت مما يؤخذ فطرة فإن نوره أنقاه من نورة وإن لم ينوره اتخذ قبل ذلك عيدانا طوال الأخلة من شجر لين لا يجرح ثم استخرج جميع ما تحت أظفار يديه ورجليه من الوسخ ثم أفضى به إلى مغتسله مستورا وإن غسله في قميص فهو أحب إلي وأن يكون القميص سخيفا رقيقا أحب إلي وإن ضاق ذلك عليه كان أقل مايستره به ما يواري ما بين سرته إلى ركبته لأن هذا هو العورة من الرجل في الحياة ويستر البيت الذي يغسله فيه بستر ولا يشركه في النظر إلى الميت إلا من لا غنى له عنه ممن يمسكه أو يقلبه أو يصب عليه ويغضون كلهم وهو عنه الطرف وإلا فيما لا يجزيه فيه إلا النظر إليه ليعرف ما يغسل منه وما بلغ الغسل وما يحتاج إليه من الزيادة في الغسل ويجعل السرير الذي يغسله عليه كالمنحدر قليلا وينفذ موضع مائه الذي يغسله به من البيت فإنه أحرز له أن ينضح فيه شيء انصب عليه ولو انتضح لم يضره إن شاء الله تعالى ولكن هذا أطيب للنفس ويتخذ إناءين : إناء يغرف به من الماء المجموع لغسله وإناء يصب فيه ذلك الإناء ثم يصب الإناء الثاني عليه ليكون إناء غير إناء قريب من الصب على الميت ويغسله بالماء غير السخن لا يعجبني أن يغسل بالماء المسخن ولو غسل به أجزأ إن شاء الله تعالى فإن كان عليه وسخ وكان ببلد بارد أو كانت به علة لا يبلغ الماء غير المسخن ينقى جسده غاية الإنقاء ولو لصق بجسده ما لا يخرجه إلا الدهن دهن ثم غسل حتى يتنظف وكذلك إن طلي بنورة ولا يفضي غاسل الميت بيده إلى شيء من عورته ولو توقى سائر جسده كان أحب إلي ويعد خرقتين نظيفتين قبل غسله فيلف على يده إحداهما ثم يغسل بها أعلى جسده وأسفله فإذا أفضى إلى ما بين رجليه ومذاكيره فغسل ذلك ألقاه فغسلت ولف الأخرى وكلما عاد على المذاكير وما بين الاليتين ألقى الخرقة التي على يده وأخذ الأخرى المغسولة لئلا يعود بما مر على المذاكير وبما بين الأليتين على سائر جسده إن شاء الله