باب ما جاء في المتعة .
قال الشافعي : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر يجر رداءه فزعا و قال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت بها لرجمت قال الشافعي C تعالى : يشبه قوله في الأول و مذهب عمر في هذا أن المتعة إذا كانت محرمة عنده و كان الناس يفعلونها مستحلين أو جاهلين و هو اسم نكاح فيدرأ عنهم بالاستحلال أنه لو كان تقدم فيها حتى يعلمهم أن حكمه أنها محرمة ففعلوها رجمهم و حملهم على حكمه و إن كانوا يستحلون منها ما حرم كما قال : يستحل قوم الدينار بالدينار يدا بيد فيفسخه عليهم من يراه حراما فخالفتم عمر في المسألتين معا و قلتم : لا حد على من نكح بشاهد و امرأة و لا من نكح نكاح متعة كما زعمت فيهما قال الشافعي C تعالى : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال : قال عمر بن الخطاب : أيما رجل تزوج امرأة و بها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا و ذلك لزوجها غرم على وليها قال مالك : و إنما يكون ذلك لزوجها غرما على وليها إذا كان الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها و إلا فليس عليه غرم و ترد المرأة ما أخذت من صداق نفسها و يترك لها قدر ما استحلها به إذا مسها فقلت لل شافعي : فإنا نقول بقول مالك و سألت عن قوله في ذلك فقال : إنما حكم عمر أن لها المهر بالمسيس و أن المهر على وليها لأنه غار و الغار - علم أو لم يعلم - يغرم أرأيت رجلا باع عبدا و لم يعلم أنه حر أليس يرجع عليه بقيمته ؟ أو باع متاعا لنفسه أو لغيره فاستحق أو فسد البيع أو كان لمشتريه الخيار فاختار رده ألا يرجع بقيمة ما غرم على من غره علم أو لم يعلم ؟ قال : و رويتم الحديث عن عمر و خالفتموه فيه بما وصفته فلو ذهبتم فيه إلى أمر يعقل فقلتم : إذا كان الصداق ثمنا للمسيس لم يرجع به الزوج عليها و لا على ولي لأنه قد أخذ المسيس كما ذهب بعض المشرقيين إلى هذا كان مذهبا فأما ما ذهبتم إليه فليس بمذهب و هو خلاف عمر قال الشافعي : أخبرنا مالك أنه كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق في رجل قال لامرأته : حبلك على غاربك فكتب عمر إلى عامله : أن مره يوافيني في الموسم فبينا عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال : من أنت ؟ فقال : أنا الذي أمرت أن أجلب عليك فقال عمر : أنشدك برب هذه البينة هل أردت بقولك : حبلك على غاربك الطلاق ؟ فقال الرجل : لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك أردت الفراق فقال عمر : هو ما أردت قال الشافعي C تعالى فبهذا نقول و فيه دلالة على أن كل كلام أشبه الطلاق لم نحكم به طلاقا حتى يسأل قائله فإن كان أراد طلاقا فهو طلاق و إن لم يرد طلاقا لم يكن طلاقا و لم نستعمل الأغلب على الكلام على رجل احتمل غير الأغلب فخالفتم عمر في هذا فزعمتم أنه طلاق و أنه لا يسأل عما أراد