باب في الجهاد .
سألت الشافعي عن القوم يدخلون بلاد الحرب : أيخربون العامر ويقطعون الشجر المثمر ويحرقونه والنخل والبهائم أو يكره ذلك كله ؟ قال الشافعي C تعالى : أما كل ما لا روح فيه من : شجر مثمر وبناء عار وغيره فيخربونه ويهدمونه ويقطعونه وأما ذوات الأرواح فلا يقتل منها شيء إلا ما كان يحل بالذبح ليؤكل فقلت له : وما الحجة في ذلك وقد كره أبو بكر الصديق أن يخرب عامرا أو يقطع مثمرا أو يحرق نخلا أو يعقر شاة أو بعيرا إلا لمأكله ؟ وأنت أخبرتنا بذلك عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام فقال الشافعي : هذا من حديث مالك منقطع وقد يعرفه أهل الشام بإسناد أحسن من هذا فقلت ل الشافعي : وقد روى أصحابنا سوى هذا عن أبي بكر فبأي شيء تخالفه أنت ؟ فقال : بالثابت عن رسو ل الله A فقاتل بها فقلت ل الشافعي : فيكف كرهت عقر ذوات الأرواح وتحرقيها إلا لتؤكل ؟ فقال : بالسنة أن رسول الله A قال : [ من قتل عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل : وما حقها ؟ قال : يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيلقيه ] فرأيت إباحة قتل البهائم المأكولة غير العدو منها في الكتاب والسنة إنما هو أن تصاد فتؤكل أو تذبح فتؤكل وقد نهى عن تعذيب ذوات الأرواح قال الشافعي C تعالى : قال : فإنا نقول شبيها بما قلت قلت : قد خالفتم ما رويتم عن أبي بكر فقد خالفتموه بما وصفت فما أعرف ما ذهب إليه الذي اتبعناه فقلت : إن كان خالفه لما وصفت مما روى عن أبي بكر لأنه رأى أنه ليس لأحد أن يخلف ما روية عن النبي A فهكذا ينبغي أن يقول أبدا يترك مرة حديث رسول الله بقول الواحد من أصحاب رسول الله ثم يترك قول ذلك الواحد لرأي نفسه فالعمل إذا إليه يفعل فيه ما شاء وليس ذلك لأحد من أهل دهرنا سألت الشافعي : عن الرجل يقر بوطء أمته فتأتي بولد فينكره فيقول : قد كنت أعزل عنها ولم أكن أحبسها في بيتي فقال : يلحق به الولد إذا أقر بالوطء ن ولم يعد استبراء بعد الوطء ولا ألتفت إلى قوله : كنت أعزل عنها لأنها قد تحبل وهو يعزل ولا إلى تضييعه إياها بترك التحصين لها وإن من اصحابنا لمن يريه القافة مع قوله فقلت : فما الحجة فيما ذكرت ؟ قال : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال : ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلون لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد أو اتركوا فقلت ل الشافعي : صاحبنا يقول : لا نلحق ولد الأمة وإن أقر بالوطء بحال حتى يدعي الولد قال الشافعي C تعالى : أخبرنا مالك عن نافع عن صفية عن عمر في إرسال الولائد يوطأن بمثل معنى حديث ابن شهاب عن سالم قال الشافعي : فهذه رواية صاحبنا وصاحبكم عن عمر من وجهين ورواه غيره عنه ولم ترووا أن أحدا خالفه من أصحاب رسول الله A ولا التابعين فيكف جاز أن يترك ما روي عن عمر لا إلى قول أحد من أصحابه ؟ فقلت ل الشافعي : فهل خالفك في هذا غيرنا ؟ قال : نعم بعض المشرقيين قلت : فما كانت حجتهم ؟ قال : كانت حجتهم أن نقول : انتفى عمر من ولد جارية له وانتفى زيد بن ثابت من ولد جاريته وانتفى ابن عباس من ولد جارية له فقلت : فما حجتك عليهم ؟ فقال : أما عمر فروي عنه أنه أنكر حمل جارية له فأقرت بالمكروه وأما زيد وابن عبا س إنما أنكرا إن كانا فعلا أن ولد جاريتين عرفا أن ليس منهما فحلال لهما فكذلك ينبغي لهما في الأمة وكذلك ينبغي لزوج الحرة إذا علم أنها حبلت من زنا أن يدفع ولدها ولا يلحق بنفسه من ليس منه وإنما قلت هذا فيما بينه وبين الله كما تعلم المرأة أن زوجها قد طلقها ثلاثا فلا ينبغي لها إلا الامتناع منه بجهدها وعلى الإمام أن يحلفها ثم يردها فالحكم غير ما بين العبد وبين الله قال الشافعي C تعالى : فكانت حجتنا عليهم من قولهم أنهم زعموا : أن ولد الأمة لا يلحق إلا بدعوة حادثة وأن للرجل بعد ما يحصن الأمة وتلد منه أولادا يقر بهم أن ينفي بعدهم ولدا أو يقر بآخر بعده وإنما جعلوا له النفي أنهم زعموا أنه لا يلحق ولد الأمة بحل إلا بدعوة حادثة ثم قالوا : إن أقر بولد جارية ثم حدث بعد أولاد ثم مات ولم يدعهم ولم ينفهم لحقول به وكان الذي اعتدوا في هذا أن قالوا : القياس أن لا يلحق ولكنا استحسنا قال الشافعي : إذا تركوا القياس فجاز لهم فقد كان لغيرهم ترك القياس حيث قاسوا والقياس حيث تركوا : وترك القياس عندنا لا يجوز وما يجوز في ولد الأمة إلا واحد من قولين : إما قولنا وإما لا يلحق به إلا بدعوة فيكون لو حصن سرية وأقر بولدها ن ثم ولدت بعد عشرة عنده ثم مات ولم تقم بينة باعتراف بهم نفوا معا عنه