باب ما يقتل المحرم من الدواب .
قال الشافعي C تعالى : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله A قال : ( [ خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح : الغراب و الحدأة و العقرب و الفأرة و الكلب العقور ] ) قال الشافعي C تعالى : و بهذا نأخذ و هو عندنا جواب على المسألة فكل ما جمع من الوحوش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال و أن يكون مضرا قتله المحرم لأن النبي A أمر المحرم أن يقتل الفأرة و الغراب و الحدأة مع ضعف ضرها إذ كانت مما لا يؤكل لحمه كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه و ضره أكثر من ضرها أولى أن يكون قتله مباحا في الإحرام قلت : قد قال مالك : لا يقتل المحرم من الطير ما ضر إلا ما سمى و قال بعض أصحابه : كان قول النبي A : ( [ خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهم جناح ] ) يدل على أن ما سواهن على المحرم في قتله جناح قال الشافعي C : أفرأيتم الحية أسميت ؟ فقد زعم مالك عن ابن شهاب : أن عمر أمر بقتل الحيات في الحرم قلت : فيراها كلبا عقورا قال : أو تعرف العرب أن الحية كلب عقور ؟ إنما الكلب عندها السبع و الكلاب التي خلقها الله متقاربة كخلق الكلب فإن قلتم : إنها قد تضر فتقتل قيل غير مكابرة كما زعم صاحبكم : إن الكلب العقور ما عدا على الناس فأخافهم و هي لا تعدو مكابرة و إن ذهبتم إلى أنها تضر هكذا فقد أمر عمر بن الخطاب أن يقتل الزنبور في الإحرام و الزنبور إنما هو كالنحلة فكيف لم تأمروا بقتل الزنبور و قد أمر به عمر و أمرتم بقتل الحية إذ أمر بها عمر ؟ ما أسمعكم تأخذون من الأحاديث إلا ما هديتم قال الشافعي C تعالى و قلتم : يقتل المحرم الفأرة الصغيرة و لا يقتل الغراب الصغير و إذا قلتم هذا فقد أباحه النبي A و منعتموه فإن قلتم : إنما أباح قتله على معنى أنه يضر و الصغير لا يضر في حاله تلك فالفأرة الصغيرة لا تضر في حالها تلك فلا بد أن تخالفوا النبي في الغراب الصغير و الفأرة الصغيرة و هذا حجة عليكم إذ زعمتم أن الغراب يقتل لمعنى ضرره فينبغي أن تقتل العقاب لأنها أضر منه فإن قال : لا بل الحديث جملة لا لمعنى قيل : فلم لا يقتل الغراب الصغير لأنه غراب ؟ سألت الشافعي عمن حلق قبل أن ينحر أو نحر قبل أن يرمي قال : يفعل و لا فدية و لا حرج ز كذلك كل ما كان يعمل في ذلك اليوم فقدم منه شيئا قبل شيء ناسيا أو جاهلا عمل ما يبقى عليه و لا حرج فقلت : و ما الحجة في ذلك ؟ فقال : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : [ وقف رسول الله A في حجة الوداع للناس بمنى يسألونه فجاء رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال : ( اذبح و لا حرج ) فجاء رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال : ( ارم و لا حرج ) فما سئل رسول الله A عن شيء قدم و لا أخر إلا قال : ( افعل و لا حرج ) ] قال الشافعي C و بهذا كله نأخذ