باب المستحاضة .
سألت الشافعي عن المستحاضة يطبق عليها الدم دهرها فقال : إن الاستحاضة وجهان : أحدهما أن تستحاض المرأة فيكون دمها مشتبها لا ينفصل إما ثخين كله وإما رقيق كله وإذا كان هكذا نظرت عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فتركت الصلاة فيهن : إن كنت تحيض خمسا من أول الشهر تركت الصلاة خمسا من أوله ثم اغتسلت عند مضي أيام حيضها كما تغتسل الحائض عند طهرها ثم توضأ لكل صلاة وتصلي وليس عليها أن تعيد الغسل مرة أخرى ولو اغتسلت من طهر إلى طهر كان أحب إلي وليس ذلك بواجب عليها عندي والمستحاضة الثانية المرأة لا ترى الطهر فيكون لها أيام من الشهر ودمها أحمر إلى السواد محتدم ثم يصير بعد تلك الأيام رقيقا إلى الصفرة غير محتدم فأيام حيض هذه أيام احتدام دمها وسواده وكثرته فإذا مضت اغتسلت كغسلها لو طهرت من الحيضة وتوضأت لكل صلاة وصلت فقلت ل الشافعي : وما الحجة فيما ذكرته من هذا ؟ فقال الشافعي : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انها قالت : [ قالت فاطمة بنت أبي حبيش : يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال النبي A إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي ] قال الشافعي C تعالى : أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي A [ أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله A فاستفتت لها أم سلمة رسول الله A فقال : لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي ] قال : فدل جواب رسول الله A على ما وصفت من انفراق حال المستحاضتين وفي قوله دليل على أنه ليس للحائض أن تستظهر بطرفة عين وذلك أنه أمر إحداهما إذا ذهب مدة الحيض أن تغسل عنها الدم وتصلي وأمر الأخرى أن تربص عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ثم تغتسل وتصلي والحديثان جميعا ينفيان الاستظهار فقلت ل الشافعي : فإنا نقول : تستظهر الحائض بثلاثة أيام تغتسل وتصلي ونقول : تتوضأ لكل صلاة قال الشافعي : فحديثاكم اللذان تعتمدون عليهما عن سول الله يخالفان الاستظهار خارج من السنة والآثار والمعقول والقياس وأقاويل أكثر أهل العلم فقلت : ومن أين ؟ فقال الشافعي أرأيتم استظهارها أمن أيام حيضها أم أيام طهرها ؟ فقلت : هي من أيام حيضها فقال : فأسمعكم عمدتم إلى امرأة كانت أيام حيضها خمسا فطبق عليها الدم فقلتم : نجعلها ثمانيا ورسول الله A أمرها إذا مضت أيام حيضها قبل المستحاضة أن تغتسل وتصلي وجعلتم لها وقتا غير وقتها الذي كانت تعرف فأمرتموها أن تدع الصلاة في الأيام التي أمرها رسول الله A أن تصلي فيها قال : أفرأيتم إن قال لكم قائل لا يعرف السنة : تستظهر بساعة أو يوم أو يومين أو تستظهر بعشرة أيام أو ست أو سبع بأي شيء أنتم أولى بالصواب من أحد ؟ إن قال ببعض هذا القول : هل يصلح أن يوقت العدد إلا بخبر عن رسول الله او إجماع من المسلمين ؟ ولقد وقتموه بخلاف ما رويتم عن رسول الله وأكثر أقاويل المسلمين ثم قلتم فيه قولا متناقضا فزعمتم ان أيام حيضها إن كانت ثلاثا استظهرت بمثل أيام حيضها وذلك ثلاث وإن كانت أيام حيضها اثني عشر استظهرت بمثل ربع أيام حيضها وذلك ثلاث وإن كانت أيام حيضها خمسة عشر لم تستظهر بشيء وإن كانت أربعة عشر استظهرت بيوم وإن كانت ثلاثة عشر استظهرت بيومين فجعلتم الاستظهار مرة ثلاثا ومرة يومين ومرة يوما ومرة لا شيء فقلت لـ الشافعي : فهل رويتم في المتسحاضة عن صاحبنا شيئا غير هذا ؟ فقال : نعم شيئا عن سعيد بن المسيب وشيئا عن عروة بن الزبير قال الشافعي C تعالى : أخبرنا مالك عن سمى مولى أبي بكر أن القعقاع بن حكيم و زيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب ليسأله : كيف تغتسل المستحاضة ؟ فقال : تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت قال الشافعي : أخبرنا مالك أخبرنا مالك أخبرنا مالك أخبرنا مالك أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أنه قال : ليس على المستحاضة إلا ان تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك الأمر عندنا على حديث هشام بن عروة فقلت ل الشافعي : فإنا نقول بقول عروة وندع قول ابن المسيب ؟ فقال الشافعي : اما قول ابن المسيب فتركتموه كله ثم ادعيتم قول عروة وأنتم تحالفونه في بعضه فقلت : وأين ؟ قال : قال عروة : تغتسل غسلا واحدا يعني كما تغتسل المتطهرة وتتوضأ لكل صلاة يعني توضأ من الدم للصلاة لا تغتسل من الدم إنما ألقي عنها الغسل بعد الغسل الأول ولغسل إنما يكون من الدم وجعل عليها الوضوء ثم زعمتم أنه لا وضوء عليها فخالفتم الأحاديث التي رواها صاحبنا وصاحبكم عن النبي A و ابن المسيب و عروة وأنتم تدعون أنكم تتبعون أهل المدينة وقد خالفتم ما روى صاحبنا عنهم كله إنه لبين في قولكم : أنه ليس أحد أترك على أهل المدينة لجميع أقاويلهم منكم مع ما تبين في غيره ثم ما أعلمكم ذهبتم إلى قول أهل بلد غيرهم فإذا انسلختم من قولهم وقول أهل البلدان ومما رويتم وروى غيركم القياس ولامعقول فأي موضع تكونون به علماء وأنتم تخطئون مثل هذا وتخالفون فيه أكثر الناس ؟ ؟