باب في اجتهاد الحاكم .
قال الشافعي C تعالى : قال الله تبارك وتعالى : { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } قال الحسن بن أبي الحسن : لو لا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا لصوابه وأثنى على هذا باجتهاده أخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا الدراوردي عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بشر بن سعيد عن ابي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول لله A : [ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ] قال : يزيد : فحدثت بهاذ الحديث أبا بكر بن حزم فقال : هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة ومن أمر أن يجتهد على مغيب فإنما كلف الاجتهاد ويسعه فيه الاختلاف فيكون فرضا على المجتهد أن يجتهد برأي غيره أنه ليس لأحد أن يقلد أحدا من أهل زمانه كما لا يكون لأحد له علم بالتوجه إلى القبلة يرى أنه في موضع أن يقلد غيره إن رأي أنها في غير ذلك الموضع وإذا كلفوا الاجتهاد فبين أن الاستحسان بغير قياس لا يجوز كلف لأحد ( قال ) والقياس قياسان : أحدهما يكون في مثل معنى الأصل فذلك الذي لا يحل لأحد خلافه ثم قياس أن يشبه الشيء بالشيء من الأصل والشيء من الأصل غيره فيشبه هذا بهذا الأصل ويشبه غيره بالأصل غيره قال الشافعي C تعالى : وموضع الصواب فيه عندنا - والله تعالى أعلم - أن ينظر فأيهما كان أولى بشبهه صيره إليه إن أشبه أحدهما في خصلتين والآخر في خصلة ألحقه بالذي هو أشبه في خصلتين ومن اجتهد من الحكام ثم رأى أن اجتهاده خطأ أو قد خالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو شيئا في مثل معنى هذا رده ولا يسعه غير ذلك وإن كان مما يحتمل ما ذهب إليه ويحتمل غيره لم يرده من ذلك أن على من اجتهد على مغيب فاستيقن الخطأ كان عليه الرجوع ولو صلى على جبل من جبال مكة ليلا فتأخى البيت ثم أبصر فرأى البيت في غير الجهة التي صلى إليها أعاد وإن كان بموضع لا يراه لم يعد من قبل أنه رجع في المرة الأولى من مغيب إلى يقين وهو في هذا المرة يرجع من مغيب إلى مغيب وهذا موضوع في كتاب جماع العلم من الكتاب والسنة وكتاب القضاء والحق في الناس كلهم واحد ولا يحل أن يترك الناس يحكمون بحكم بلدانهم إذا كانوا يختلفون فيما فيه كتاب أو سنة أو شيء في مثل معناهما حتى يكون حكمهم واحدا إنما يتفرقون في الاجتهاد إذا احتمل كل واحد منهم الاجتهاد وأن يكون له وجه