باب دعوى الولد .
قال الشافعي C تعالى : و إذا ملك الرجل أخته من الرضاعة فأصابها جاهلا فحبلت وولدت فهي أم ولد له تعتق بذلك إذا مات ويحال بينه و بين فرجها بالنهي وفي قول آخر : أنها لا تكون أم ولده ولا تعتق بموته لأنه لم يطأها حلالا و إنما هو وطء بشبهة و إن كان عالما بأنها محرمة عليه فولدت فكذلك أيضا وفيها قولان : أحدهما أنه إذا أتى ما يعلم أنه محرم عليه أقيم عليه حد الزنا والثاني : لا يقام عليه حد و إن أتاه و هو يعلمه في شيء له فيه علق ملك بحال ولكنه يوجع عقوبة منكلة و لحال بينه وبين فرجها بأن ينهى عن وطئها ولا عقر في واحدة من الحالين عليه لأن العقر الذي يجب بالوطء له ولا يغرم لنفسه ألا ترى أنه لو قتلها لم يغرم لأنه إنما يضمن لنفسه ؟ قال الشافعي C تعالى : وإذا ملك النصراني المسلمة ووطئها وهو جاهل علم و نهي أن يعود أن يملك مسلمة وبيعت عليه فإن ولدت بذلك الوطء حيل بينه وبينها بأن تعزل عنه ويؤخذ بنفقتها و إن أراد أن تعمل له معتزلة عنه ما يعمل مثلها كان ذلك له و إذا مات فهي حرة و هكذا أم ولد النصراني تسلم و إن كان وطئها و هو يعلمها محرمة عليه فالقول فيها مثل القول في الذي وطىء رضيعته و هو يعلمها محرمة عليه في أحد القولين : حد وفي الآخر : عقوبة و إن أراد إجارتها من امرأة في عمل تطيقه فلذلك له وله أخذ ما أفادته وأخذ أرش جناية إن جني عليها و قد خالفنا بعض الناس في أم ولد النصراني تسلم فقال : هي حرة حين أسلمت وقال : علتي في إعاقتها علتان : إحداهما أن فرجها قد حرم عليه و الأخرى : أن لا أثبت لمشرك على مسلم ملكا فقيل له : أما الأولى فما أقرب تركها منك فقال : و كيف ؟ قلت : أرأيت أم ولد لرجل وطئها ابنه قال : تحرم عليه قلت : أفتعتقها عليها و قد حرم فرجها بكل حال ؟ قال : لا قلنا : و كذلك لو كان وطىء ابنتها و أمها حرم عليه فرجها بكل حال عندك و لم تعتقها عليه ؟ قال : نعم قلنا : و كذلك لو ظهر أنها أخته من الرضاعة ؟ قال : نعم قلنا فقد تركت الأمر الأول في الأولى أن تعتق من هذه قال : وكيف ؟ قلنا : هؤلاء لا تحل فروجهن عندك بحال و أم ولد النصراني قد يحل فرجها لو أسلم الساعة قال : فدع هذا قلت : والثاني ستدعه قال : وكيف ؟ قلت : أرأيت مدبر النصراني أو مدبرته و مكاتبته أتعتقهم إذا أسلموا أو تبيعهم ؟ قال : لا نعتق المدبرين إلا بالموت ولا المكاتب إلا بالأداء قلنا : فهؤلاء قبل أن يعتقوا لمن ملكهم ؟ قال : للنصراني ولكنه معلق بموته قلنا : فكذلك أم الولد ملكها للنصراني معلق بموته فإذا مات عتقت ولا تباع في دين ولا تسعى فيه وأنت تستسعي المدبر في دين النصراني قال : فإن قلت : فهو حر ويسعى في قيمته ؟ قلت : يدخل ذلك عليك في المكاتب قال : أما المكاتب فلا أقوله قلت : أرأيت عبدا نصرانيا أسلم فوهبه النصراني لمسلم أو ذمي أو أعتقه أو تصدق به ؟ قال : يجوز ذلك كله قلنا : فيجوز إلا و هو مالك له ثابت الملك عليه ؟ قال : لا قلت : أو رأيت لو أسلم بموضع لا سوق به أتمهله حتى يأتي السوق فيبيعه ؟ قال : نعم قلنا : فلو جنى عليه فقتله أو جرحه كان الأرش للنصراني و كان إذا قدرت على إخراجه من ملكه أخرجته قلت : بأن تدفع إليه ثمنه مكانه أو بغير شيء ؟ قال : أدفع إليه ثمنه مكانه قلنا : فتصنع ذا بأم الولد ؟ قال لا أجد السبيل إلى بيعها فأدفع إليه ثمنها قلت : فلما لم تجد السبيل إلى بيعها كان حكمها غير حكمه ؟ قال : نعم قلنا : قال لك : أعتقها بلا عوض يأخذه مكانه ؟ قال : لا و لكن عوض عليها قلنا : فهي معدمة به أفكنت بائعا عبده من معدم ؟ قال : لا قلنا : فكيف بعتها من نفسها وهي معدمة ؟ قال : للحرية قلنا : من قبله كانت أو من قبلها ؟ فإن قلت : من قبله قلنا : فهي حرة بلا سعاية قال : ما أعتقها فتكون حرة بلا سعاية ولا أعتق شيئا منها قلت : فحرة من قبل نفسها فللمملوك أن يعتق نفسه قال : فحرة من قبل الإسلام قلنا : فقد أسلم العبد فلم تعتقه و ما دريت من أين أعتقها ولا أنت إلا تخرصت عليها وأنت تعيب الحكم بالتخرص قال الشافعي C تعالى : وإذا استعار رجل من رجل جارية فوطئها فقال : هذه و مسألة الغاصب الذي وطىء في كتاب الحدود في مسألة درء الحدود بالشبهات فخذوا جوابها من هنالك فإن الحجة فيها ثم قال الشافعي C تعالى : ولو أن رجلا زوج امرأة و زعم أنها حرة فدخل عليها ثم استحق رقبتها رجل و قد ولدت أولادا فأولادها أحرار وللمستحق فيمتهم و جاريته و المهر يأخذ من الزوج إن شاء و يرجع به الزوج كله على الغار لأنه لزم من قبله و أصل ما رددنا به المغرور على الغار أشياء منها أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : ( أيما رجل نكح امرأة بها جنون أو جذام أو برص فأصابها فلها المهر بما استحل من فرجها و ذلك لزوجها غرم على وليها ) فرد الزوج على ما استحقت به المرأة عليه من الصداق بالمسيس على الغار وكان موجودا في قوله إنه إنما رده عليه لأن الغرم في المهر بغروره وكذلك كل غار لزم المغرور بسببه غرم رجع به عليه وسواء كان الولي يعرف من المرأة الجنون أم لم يعرفه لأن كلا غار فإن قال قائل : قد يخفى ذلك على البعيد ؟ قيل : نعم و على أبيها أرأيت لو كان تحت ثيابها نكتة برص أما كان يمكن أن يخفى ذلك على أبيها ؟ والغر علم أو لم يعلم يضمن للمغرور ثم بين الغار و بين المرأة حكم وهو مكتوب في كتاب النكاح قال الشافعي C تعالى : و إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى ابن سيده أو أباه أومن يعتق على سيده إذا ملكه كما يكون الرجل يدفع إلى الرجل مالا فيضاربه فيشتري ابنه فلا يلزمه أن يعتق عليه و يكون المضارب ضامنا للثمن الذي دفعه في ابنه لأنه اشترى بماله بماله ما لا يجوز له ملكه و هذا مذهب محتمل لمن قاله و القول الثاني : أنه يعتق عليه من قبل أن الشراء كان حلالا و أن ما ملك العبد فإنما يملكه لسيده وإذا ملك السيد ابنه عتق عليه فإن قال قائل : فما الفرق بين العبد المأذون له والمضارب ؟ قيل له : إن في الشراء حقوقا منها حق للبائع على المشتري الذي لا يجوز إبطاله إذا كان بيعا حلالا فلما كان هذا بيعا حلالا لزم العبد لم يجز أن يلزم العبد أبدا إلا والسيد مالك فيعتق والمضارب يلزمه البيع فلا يظلم المشتري و يكون المضارب مالكا لهذا العبد و ليس ملك المضارب لنفسه مثل ملك صاحب المال وملك العبد لنفسه مثل ملك صاحب المال و هذا أصح القولين و به نأخذ و الله تعالى أعلم وساء كان للعبد دين أذن له في مدانيته أو لم يكن عليه دين من قبل أن الغرماء إن دخل عليهم نعص من عتقه فالذي دخل على الأب اكثر منه ولا يكون مصابا بماله و غارما مثله و ما أتلف شيئا فيكون عليه ما أتلف ولا أمر بشرائه من مال العبد شيئا يكون عليه رده إنما أخطأ فيه العبد أو تعدى فلا يرجع به على السيد أرأيت لو استهلك العبد جميع ما في يديه بهبة أو بدرك أو حرقه أو غرقه أيرجع على السيد بشيء ؟ ولم يكن للسيد في هذا فعل ولا أمر إنما يغرم الناس بفعلهم و أمرهم لأما بغير فعلهم و لا أمرهم فلا يغرمون إلا في موضع خاص من الديات و ما جاء فيه خبر و إن كان العبد العبد غير مأذون له فاشترى ابن مولاه فليس ثم شراء و لا يملكه فيعتق بالملك و هو على ملك سيده الأول قال الشافعي C تعالى : و إذا ادعى الأعاجم بولاد الشرك أخوة بعضهم لبعض فإن كانوا جاءونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم بعتق قبلنا دعواهم كما قبلنا دعوى غيرهم من أهل الجاهلية الذين أسلموا وإن كانوا مسبيين أو علهم رق أعتقوا فثبت عليهم ولاء لم تقبل دعواهم إلا ببينة تثبت على ولاد أو دعوى معروفة كانت قبل السبي و هكذا من قل مهم أو كثر أهل حصن كانوا أو غيرهم قال الشافعي C تعالى : و إذا كان الرجلان أخوين فمات أبوهما فأقر أحدهما بوارث معه وقال : هذا أخي ابن أبي و دفعه الآخر فإن محمد بن الحسن أخبرني : أن قول المدنيين الذي لم نزل نعرفه و يلقوهم به : أنه لا يثبت له نسب و لا يأخذ من يديه شيئا قال الشافعي C تعالى : و أحسبهم ذهبوا فيه إلى أن الأخ المقر له لم يقر لهذا الأخ بدين على أبيه ولا وصية ولا يحق له في يديه ولا مال أبيه إلا بأن يثبت نسبه فيكون له عليه أن يرثه وأن يعقل عنه و جميع حق الإخوة فلما كان أصل الإقرار به باطلا لا يثبت به النسب لم يجعلوا له شيئا كما لم يجعلوا عليه قال الشافعي C تعالى : قال محمد بن الحسن Bه : وكان هذا قولان صحيحا ثم أحدثوا أن لا يلحقوا وأن يأخذ ثلث ما في يدي أخيه المقر له قال الشافعي C تعالى : وأحسبهم ذهبو ا فيه إلى أنه أقر بأن له شيئا في يديه و شيئا في يدي أخيه فأجازوا إقراره على نفسه وأبطلوا إقراره على أخيه وهذا أصح من قول محمد بن الحسن و أبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما فإن محمد بن الحسن و أبا حنيفة قالا : يقاسم الأخ الذي أقر له بما في يديه نصفين ولا سبيل له على الآخر ولا يثبت النسب وكانت حجته أن قال : قد أقر أنه وهو سواء في مال أبيه قال الشافعي C تعالى : وإذا كانت المسألة بحالها ولا ميراث لم يثبت النسب ولا يثبت نسب أحد نسبه رجل إلى غيره و ذلك أن الأخ إنما يقر على أبيه فإذا كان معه من حقه في أبيه كحقه فدفع النسب لم يثبت و لا يثبت نسب حتى تجتمع الورثة على الإقرار به معها أو تقوم بينة على دعوى الميت الذي إنما يلحق بنفسه فيكتفي بقوله و يثبت له النسب فإن قال قائل : كيف أجزت أن يقر ابن الرجل إذا كان وارثه لا وارث له غيره بالأخ فتلحقه بالأب وإنما أقر على غيره ؟ قيل له : إنما أقر لا يدخل ضرره على ميت إنما يدخل الضرر عليه فيما ينتقص من شركته في ميراث الأب ووجدته إذا كان منفردا بوراثة أبيه القائم بكل حق لأبيه ألا ترى أنه يعفو دمه فيجوز عفوه كما لو عفا أبوه جرح نفسه جاز عفوه ؟ ألا ترى أنه يقوم بالحد على من قذف أباه كما كان أبوه قائما بالحد على من قذفه ؟ ألا ترى أن لو كانت لأبيه بينة على رجل بحد أو مال أو قصاص أخذ له بها و أخذ للابن بها بعد موته و لو أكذبها الابن بعد موت الأب والأب مدع لها أبطلناها لأنه لو مات قام مقامه ؟ فإن قال قائل : فهل في هذا خبر يدل عليه ؟ قلنا : نعم الخبر الذي الناس كلهم عيال عليه في أن الولد للفراش فإن قال ما هو ؟ قيل : اختصم عبدين زمعة و سعد بن أبي وقاص إلى النبي A في ابن أمة زمعة فقال سعد : قد كان أخي عتبة عهد إلى أنه ابنه وأمرني أن اقبضه إلى وقال عبد بن زمعة : أخي و ابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال رسول الله A : ( [ هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش و للعاهر الحجر ] ) و ألحقه رسول الله A بدعوة الأخوة و أمر سودة أن تحجب منه لما رأى من شبهه بعتبة فكان في هذا دليل على أنه لم يدفعه وأنها قد ادعت منه ما ادعى أخوها فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه