باب الشركة .
قال الشافعي C تعالى : و لا شركة مفاوضة و إذا أقر صانع من صناعته لرجل بشيء إسكاف أقر لرجل بخف أو غسال أقر لرجل بثوب فذلك عليه دون شريكه إلا أن يقر شريكه معه و إذا كانا شريكين فالشركة كلها ليست مفاوضة و أي الشريكين أقر فإنما يقر على نفسه دون صاحبه و إقرار الشريك و من لا شريك له سواء و إذا أقر رجل في مرضه بدين لأجنبي و قد أقر في صحته أو قامت بينة بديون فسواء إقراره في صحته و مرضه و البينة في الصحة و المرض و الإقرار سواء يتحاصون معا لا يقدم واحد منهم على الآخر فإذا أقر لوارث فلم يمت حتى حدث وارث يحجب المقر له فإقراره لازم و إن لم يحدث فمن أجاز الإقرار للوارث و خالف بينه و بين الوصية أجازه له و من رده رده له و لو أقر لغير وارث ثم مات وارثه فصار المقر له وارثا أبطل إقراره و كذلك كل ما أقر به بوجه من الوجوه فهو على هذا المثال و إذا كان الرجلان شريكين فأوصى أحدهما أو أعتق أو دبر أو كاتب فذلك كله في مال نفسه كهيئة الرجل غير الشريك و إذا أقر الرجل للحمل بدين كان إقراره باطلا حتى يقول : كان لأبي هذا الحمل أو لجده على مال فيكون ذلك إقرارا للذي أقر له به و إن كان هذا الحمل وارثه أخذه و إن كان له وارث معه أخذ معه حصته لأن الإقرار للميت و إنما لهذا منه حصته و إذا أوصى للحمل بوصية فالوصية جائزة إذا ولد لأقل من ستة أشهر من يوم وقعت الوصية حتى يعلم أنه كان ثم حمل و لو وهب لحمل نخلة أو تصدق عليه بصدقة غير موقوفة لم تجز بحال قبلها أبوه أو ردها إنما تجوز الهبات و البيوع و النكاح على ما زايل أمه حتى يكون له حكم بنفسه و هذا خلاف الوصية في العتق و لو أعتق حمل جاريته فولدت لأقل من ستة أشهر من يوم أعتقه كان حرا لأنا علمنا أنه قد كان ثم حمل و لو ولد لستة أشهر فأكثر لم يقع عليه ثم عتق لأنه قد يمكن أن يكون هذا حادثا بعد الكلام بالعتق فلا يكون المقصود قصده بالعتق و لو أقر بحمل لرجل لم يجز إقراره إذا كان هو مالك رقبة أمه و كذلك لو وهبه له فإذا لم تجز فيه الهبة لم يجز فيه الإقرار و لو قال مع إقراره هذا الحمل لفلان : أوصى لي رجل برقبة أمه و له بحملها جاز الإقرار إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم تقع الوصية و كل إقرار من صلح و غير صلح كان فيه خيار من المقر فهو باطل و ذلك أن يقول : أقر لك بكذا على أني بالخيار يوما أو أكثر أو أصالحك على كذا على أني أقر لك بكذا على أني بالخيار يوما أو أكر أو أصالحك على كذا على أني أقر لك بكذا على أني بالخيار فلا يجوز حتى يقطع الإقرار و لا يدخل فيه الاستثناء من المقر و هكذا كل إقرار كان فيه استثناء و ذلك أن يقول : لك علي ألف أو لك عندي إن شاء الله أو إن شاء فلان فلا يلزم حتى يكون الإقرار مقطوعا لا مثنوية فيه ( قال ) : و لو أقر لرجل أنه تكفل له بمال على أنه بالخيار و أنكر المكفول له الخيار و لا بينة بينهما فمن جعل الإقرار واحدا أحلفه ما كفل له إلا على أنه بالخيار و أبرأه و الكفالة لا تجوز بخيار و من زعم أنه يبعض عليه إقراره فيلزمه ما يضره و يسقط عنه ما ادعى المخرج به ألزمه الكفالة بعد أن يحلف المكفول له : لقد جعل له كفاله لا خيار فيه و الكفالة بالنفس على الخيار لا تجوز و إذا جازت بغير خيار فليس يلزم الكافل بالنفس مال إلا أن يسمي ما لا كفل به و لا تلزم الكفالة بحد و لا قصاص و لا عقوبة و لا تلزم الكفالة إلا بالأموال ( قال ) : ولو كفل له بما لزم رجلا في جرح و قد عرف الجرح و الجرح عمد فقال : أنا كافل لك بما لزمه فيه من دية أو قصاص فإن أراد المجروح القصاص فالكفالة باطلة لا يجوز له أن يقتص من المتكفل و إن أراد أرش الجراح فهو له و الكفالة لازمة لأنها كفالة بمال و هكذا إذا اشترى رجل دارا من رجل فضمن له رجل عهدتها و خلاصها فاستحقت الدار رجع المشتري بالثمن على الضامن إن شاء لأنه ضمن له خلاصها أو مالا و الخلاص مالا يسلم له و إذا أقر رجل لرجل بشيء مشاع أو مقسوم فالإقرار جائز و سواء قال لفلان : نصف هذه الدار ما بين كذا إلى كذا أو لفلان نصف هذه الدار يلزمه الإقرار كما أقر و كذلك لو قال له : هذه الدار إلا نصفها كان له النصف و لو قال له : هذه الدار إلا ثلثيها كان له الثلث شريكا معه و إذا قال له : هذه الدار إلا هذا البيت كانت له الدار إلا ذلك البيت و كذلك لو قال له : هذا الرقيق إلا واحدا كان له الرقيق غلا واحدا فله أن يعزل أيهم شاء و كذلك لو قال : هذه الدار لفلان و هذا البيت لي كان مثل قوله إلا هذا البيت إذا كان الإقرار متصلا لأن هذا الكلام صحيح ليس بمحال و لو قال : هذه الدار لفلان بل هي لفلان كانت للأول و لا شيء للثاني و لو قال : غصبتها من فلان و ملكها لفلان غيره فهي للذي أقر أنه غصبها منه و هو شاهد للثاني و لا تجوز شهادته لأنه غاصب و لو قال : غصبتها من فلان لا بل من فلان جاز إقراره من للأول و لم يغرم للثاني شيئا و كان الثاني خصما للأول و إذا أقر بشيء بعينه لواحد أو أكثر لم يضمن شيئا إذا كان الآخر لا يدعى عليه إلا هذه الدار فليس في إقراره - و إن حكم له شيء - يكون حائلا دونه يضمنه و إنما يضمن ما كان حائلا دونه و لا يجد السبيل إليه و مثل هذا لو قال : أودعنيها فلان لا بل فلان