مسائل القاضي و كيف العمل عند شهادة الشهود .
قال الشافعي C تعالى : و إذا شهد الشهود عند القاضي فإن كانوا مجهولين كتب حلية كل واحد منهم و رفع في نسبه إن كان له نسب أو ولائه إن كان يعرف له ولاء و سأله عن صناعته إن كان له صناعة و عن كنيته إن كان يعرف كنيته و عن مسكنه و موضع بياعاته و مصلاه و أحب له إن كان الشهود ليسوا ممن يعرف بالحال الحسنة المبرزة و العقل معها أن يفرقهم ثم يسأل كل واحد منهم على حدته عن شهادته و اليوم الذي شهد فيه و الموضع الذي شهد فيه و من حضره و هل جرى ثم كلام ثم يثبت ذلك كله و هكذا أحب إن كان ثم حال حسنة و لم يكن سديد العقل أن يفعل به هذا و يسأل من كان معه في الشهادة على مثل حاله عن مثل ما يسأل ليستدل على عورة إن كانت في شهادته أو اختلاف إن كان في شهادته و شهادة غيره فيطرح من ذلك ما لزمه طرحه و يلزم ما لزمه إثباته و إن جمع الحال الحسنة و العقل لم يقفه و لم يفرقهم و أحب للقاضي أن يكون أصحاب مسائله جامعين للعفاف في الطعمة و الأنفس وافري العقول برآء من الشحناء بينهم و بين الناس أو الحيف على أحد بأن يكونوا من أهل الأهواء و العصبية و المماطلة للناس و أن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم و أن يكونوا أهل عقول لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه ليخفى حسنا و يقول قبيحا فيكون ذلك جرحا عندهم أو يسألوه عن صديقه فيخفي قبيحا و يقول حسنا فيكون ذلك تعديلا عندهم قال الشافعي C تعالى : و يحرص الحاكم على أن لا يعرف له صاحب مسألة فيحتال له ( قال ) : و أرى أن يكتب لأهل المسائل صفات الشهود على ما وصفت و أسماء من شهدوا له و من شهدوا عليه و قدر ما شهدوا فيه ثم لا يسألون أحدا عنهم حتى يخبره بمن شهدوا له و شهدوا عليه و قدر ما شهدوا فيه فإن المسؤول عن الرجل قد يعرف ما لا يعرف الحاكم من أن يكون الشاهد عدوا للمشهود عليه أو حنقا عليه أو شريكا فيما شهد فيه و تطيب نفسه على تعديله في اليسير و يقف في الكثير و لا يقبل تعديله إلا من اثنين و لا المسألة عنه إلا من اثنين و يخفي على كل واحد منهما أسماء من دفع إلى الآخر لتتفق مسألتهما أو تختلف فإن اتفقت بالتعديل قبلها و إن اختلفت أعادها مع غيرهما فإن عدل رجل و جرح لم يقبل الجرح إلا من شاهدين و كان الجرح أولى من التعديل لأن التعديل يكون على الظاهر و الجرح يكون على الباطن ( قال ) : و لا يقبل الجرح من أحد من خلق الله ففيه عاقل دين و لا غيره إلا بأن يقفه على ما يجرحه به فإذا كان ذلك مما يكون جرحا عند الحاكم قبله منه و إذا لم يكن جرحا عنده لم يقبله فإن الناس يختلفون و يتباينون في الأهواء فيشهد بعضهم على بعض بالكفر فلا يجوز لحاكم أ يقبل من رجل - و - إن كان صالحا - أن يقول لرجل : ليس بعدل و لا رضا و لعمري إن من كان عنده كافرا لغير عدل و كذلك يسمى بعضهم على الاختلاف بالفسق و الضلال فيجرحونهم فيذهب من يذهب إلى أن أهل الأهواء لا تجوز شهادتهم فيجرحونهم من هذا المعنى و ليس هذا بموضع جرح لأحد و كذلك من يجرح من يستحل بعض ما يحرم هو من نكاح المتعة و من إتيان النساء في أدبارهن و أشباه ذلك مما لا يكون جرحا عند أهل العلم فلا يقبل الجرح إلا بالشهادة من الجارح على المجروح و بالسماع أو بالعيان كما لا يقبل عليه فيما لزمه من الحق و أكثر من نسب إلى أن تجوز شهادته بغيا حتى يعتد اليسير الذي لا يكون جرحا جرحا لقد حضرت رجلا صالحا يجرح رجلا مستهلا بجرحه فألح عليه بأي شيء تجرحه ؟ فقال : ما يخفى على ما تكون الشهادة به مجروحة فلما قال له الذي يسأله عن الشهادة : لست أقبل هذا منك إلا أن تبين قال : رأيته يبول قائما قال : و ما بأس بأن يبول قائما ؟ قال : ينضج على ساقيه و رجليه و ثيابه ثم يصلي قبل أ ينقيه قال : أفرأيته فعل فصلى قبل أن ينقيه و قد نضج عليه ؟ قال : لا و لكني أراه سيفعل و هذا الضرب كثير في العالمين و الجرح خفي فلا يقبل لخفائه و لما وصفت من الاختلاف إلا بتصريح الجرح و لا يقبل التعديل إلا بأن يوقفه المعدل عليه فيقول : عدل على ولي ثم لا يقبل ذلك هكذا حتى يسأله عن معرفته به فإن كانت معرفته به باطنة متقادمة قبل ذلك منه و إن كانت معرفته به ظاهرة حادثة لم يقبل ذلك منه