من لا قصاص بينه لاختلاف الدينين .
قال الشافعي C : قال الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } الآية قال الشافعي : فكان ظاهر الآية - والله أعلم - أن القصاص إنما كتب على البالغين المكتوب عليهم القصاص لأنهم المخاطبون بالفرائض إذا قتلوا المؤمنين بابتداء الآية وقوله : { فمن عفي له من أخيه شيء } لأنه جعل الأخوة بين المؤمنين فقال : { إنما المؤمنون إخوة } وقطع ذلك بين المؤمنين والكافرين ودلت سنة رسول الله A على مثل ظاهر الآية قال الشافعي : وسمعت عددا من أهل المغازي وبلغني عن عدد منهم أنه كان في خطبة رسول الله A يوم الفتح : [ لا يقتل مؤمن بكافر ] وبلغني عن عمران بن حصين رضي الله تعالىعنه أنه روى ذلك عن رسول الله A أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن مجاهد و عطاء وأحسب طاوسا و الحسن أن رسول الله A قال في خطبته يوم الفتح : [ لا يقتل مؤمن بكافر ] أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال : سألت عليا Bه : هل عندكم من النبي A شيء سوى القرآن ؟ فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة ؟ فقال : العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مؤمن بكافر قال الشافعي : ولا يقتل مؤمن عبد ولا حر ولا امرأة بكافر في حال أبدا وكل من وصف الإيمان من أعجمي وأبكم يعقل ويشير بالإيمان يصلي فقتل كافرا فلا قود عليه وعليه ديتهفي ماله وحالة وسواء أكثر القتل في الكفار أو لم يكثر وسواء قتل كافرا على مال يأخذه منه أو على غير مال لا يحل - والله أعلم - قتل مؤمن بكافر بحال في قطع الطريق ولا غيره قال الشافعي : وإذا قتل المؤمن الكافر عزر وحبس ولا يبلغ بتغزيره في قتل ولا غيره حد ولا يبلغ بحبسه سنة ولكن حبس يبتلي به وهو ضرب من التعزير قال الشافعي : وإذا قتل الكافر المؤمن قتل به ذميا كان القاتل أو حربيا أو مستأمنا وإذا أباح الله D دم المؤمن بقتل المؤمن كان ذم الكافر بقتل المؤمن أولى أن يباح وفيما روى عن رسول الله A دلالة على ما ذكرت قوله : [ من اعتبط مسلما بقتل فهو به قود ] فهذه جامعة لكل من قتل قال الشافعي : وإذا قتل الرجل فقال القاتل : المقتول كافر أو عبد فعلى أولياء المقتول البينة بأنه مسلم حر والقول قول القاتل لأنه مأخوذ منه الحق قال الشافعي : وإنما الإيمان فعل يحدثه المؤمن البالغ أو يكون غير بالغ فيكون مؤمنا بإيمان أحد أبويه قال الشافعي : وإذا كان أبوا المولود مسلمين وكان صغيرا لم يبلغ الإسلام ولم يصفه فقتله رجل قتل به لأن حكم الإسلام يرث به ويحجب مع ما سوى هذا مما له من حكم الإيمان وكذلك لو كان أبوا المولود كافرين فأسلم أحدهما والمولود صغير كان حكم المولود حكم مسلم بإسلام أحد أبويه ومن قتله بعد إسلام أحد أبويه كان عليه قود ومن قتله قبل إسلام واحد منهما من مسلم فلا قود عليه لأن حكمه حكم الكافر قال الشافعي : وإذا ولد المولود على الشرك فأسلم أبواه ولم يصف الإيمان فقتله قبل البلوغ قتل به وإن قتله بعد البلوغ مؤمن لم يقتل به لأنه إنما يكون حكمه حكم مسلم بإسلام أحد أبويه ما لم يكن عليه الفرض فإذا لزمه الفرض فدينه دين نفسه كما يكون مؤمنا وأبواه كافران فلا يضره كفرهما أو كافرا وأبواه مؤمنان فلا ينفعه إيمانهما وإن ادعى أبواه بعد ما يقتل أنه وصف الإيمان وأنكر ذلك القاتل فالقول قوله مع يمينه وعليهما البينة أنه وصف الإسلام قال الشافعي : ولو كان أبواه مؤمنين فادعى القاتل بأنه قتله مرتدا عن الإسلام وقال ورثته : بل قلته وهو على دين الإسلام فإن كان صغيرا قتل به وإن كان بالغا فحلف أبوه أنه ما علمه ارتد بعدما وصف الإسلام بعد البلوغ أو جاء على ذلك ببينة يشهدون أنه كان مسلما قبلت ذلك منهم وكان على قاتله القود قال الشافعي : والفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى أن القاتل حين قال في هذه ارتد كان قد أقر بإسلامه بعد البلوغ وادعى الردة وفي المسألة التي فوقها لم يقر له بالإيمان بعد البلوغ قال الشافعي : ولو أن مسلما قتل نصرانيا ثم ارتد المسلم فسأل ورثة النصراني أن يقادوا منه وقالوا : هذا كافر لم يقتل به لأنه قتله وهو مؤمن فلا قود عليه وعليه الدية في ماله والتعزير فإن تاب قبل منه وإلا قتل على الردة وهكذا لو ضرب مسلم نصرانيا فجرحه ثم ارتد المسلم ثم مات النصراني والقاتل مرتد لم يقد منه لأن الموت كان بالضربة والضربة كانت وهو مسلم ولو أن مسلما ارتد عن الإسلام فقتل ذميا فسأل أهله القود قبل أن يرجع إلى الإسلام أو رجع إلى الإسلام فسواء وفيها قولان : أحدهما أن عليه القود وهذا أولاهما والله أعلم لأنه قتل وليس بمسلم والثاني : لا قود عليه من قبل أنه لا يقر على دينه حتى يرجع أو يقتل ولو أن رجلا أرسل سهما على نصراني فلم يقع به السهم حتى أسلم أو على عبد فلم يقع عليه به حتى عتق فقتله لم يكن عليه قصاص لأن غلبة السهم كانت بالإرسال الذي لا قود فيه بينهما ولو كان وقوعه به وهو بحاله حين أرسل السهم ثم أسلم لم يقص منه وعليه دية مسلم حر في الحالتين والكفارة ولا يكون هذا في أقل من حال من أرسل سهما على غرض فأصاب إنسانا لأنه إنما يضمن ما جنت رميته وكلا هذين ممنوع من أن يقصد برمي ( قال ) : ولو أرسل سهمه على مرتد فلم يقع به السهم حتى أسلم أو على حربي فلم يقع به السهم حتى أسلم كان خلافا للمسائل قبلها لأنه أرسل عليهما وهما مباحا الدم وليس عليه قود بحال لما أصباهما من رميته وعليه الكفارة ودية حرين مسلمين بتحويل حالهما قبل وقوع الرمية قال الشافعي : وإذا ضرب الرجل الرجل المسلم ثم ارتد المضروب عن الإسلام ثم مات من الضربة ضمن الضارب الأقل من أرش الضربة أو الدية ( قال الربيع ) : أظنه قال : دية مسلم قال الشافعي : من قبل أن الضربة كانت وفيها قود أو عقل فإذا مات مرتدا سقط القود لأنها لم تبرأ وجعلت فيها العقل في ماله لأنها كانت غير مباحة ولو برأت وسأل أولياؤه القصاص من الجرح كان لهم أن يقتصوا منه لأنه كان وهو مسلم قال الشافعي : ولو ضربه وهو مسلم ثم ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه ثم مات مسلما ضمن القاتل الدية كلها في ماله لأن الضرب كان وهو ممنوع والموت كان وهو ممنوع ولا تسقط الدية بحال حدثت بينهما لم يحدث فيها الضارب شيئا ولا قود عليه للحال الحادثة بينهما وعليه الكفارة