الخلاف في خيار الأمة .
قال الشافعي : فخالفنا في بعض الناس في خيار الأمة فقال : تخير تحت العبد وقالوا : روينا عن عائشة Bها أن زوج بريرة كان حرا قال : فقلت له : رواه عروة عن القاسم عن عائشة Bها أن زوج بريرة كان عبدا وهما أعلم بحديث عائشة ممن رويت هذا عنه قال : فهل تروون عن غير عائشة أنه كان عبدا ؟ فقلت : هي المعتقة وهي أعلم به من غيرها وقد روي من وجهين قد ثبت أنت ما هو أضعف منهما ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منهما قال : فاذكرهما قلت : أخبرنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنه ذكر عنده زوج بريرة فقال : كان ذلك مغيث عبد بني فلان كأني أنظر إليه يتبعها في الطريق وهو يبكي أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص عن عبد الله دينار عن ابن عمر أن زوج بريرة كان عبدا قال : فقال : فلم تخير تحت العبد ولا تخير تحت الحر ؟ فقلت له : لاختلاف حالة العبد والحر قال : وما اختلافهما ؟ قلت له : الاختلاف الذي لم أر أحدا يسأل عنه قال : وما ذاك ؟ قلت : إذا صارت حرة لم يكن العبد لها كفؤا لنصقه عنها ألا ترى أنه لا يكون وليا لبنته يزوجها ألا ترى أنه يوجب بالنكاح على الناكح أشياء لا يقدر العبد على كمالها ويتطوع الزوج الحر على المرأة بأشياء لا يقدر العبد على كمالها ومنها أن المرأة ترث زوجها ويرثها والعبد لا يرث ولا يورث ومنها أن وفقة ولد الحر عليه من الحرة ومنها أن عليه أن تعدل لامرأته وسيد العبد قد يحول بينه وبين العدل عليها ومنها أشياء يتطوع لها بها من المقام معها جل نهاره ولسيد العبد منعه من ذلك مع أشباه لهذا كثيرة يخالف فيها الحر العبد ؟ قال الشافعي C : فقال : إنا إنما ذهبنا في هذا إلى أن خيار الأمة تحت الحر والعبد أنها نكحت وهي غير مالكة وهي غير مالكة لأمرها ولما ملكت أمرها كان لها الخيار في نفسهاز فقلت له : أرأيت الصبية يزوجها أبوها فتبلغ قبل الدخول أو بعده أيكون لها الخيار إذا بلغت ؟ قال : لا قلت : فإذا زعمت أنك إنما خيرتها لأن العقدة كانت وهي لا خيار لها فإذا صار الخيار لها اختارت لزمك هذا في الصبية يزوجها أبوها قال : فإن افترق بينها وبين الصبية ؟ قلت : أو يفترقان ؟ قال : نعم قلت : فكيف تقيسها عليها والصبية وارثة موروثة وهذه غير وارثة ولا موروثة بالنكاح ثم تقسيمها عليها في الخيار التي فارقتها فيه ؟ قال : إنهما وإن افترقا في بعض أمرهما فهما يجتمعان في بعضه قلت : وأين ؟ قال : الصبية لم تكن يوم تزوجت ممن لها خيار للحداثة قلت : وكذلك الأمة للرق قال : فلو كانت حرة كان لها الخيار ؟ قلت : وكذلك لو كانت الصبية بالغة قال : فهي لا تشبهها قلت : فكيف تشبهها بها وأنت تقول : إذا بلغت الصيبة لم يزوجها أبوها إلا برضاها وهو يزوج أمته بغير رضاها ؟ قال : فأشبهها بالمرأة تزوج وهي لا تعلم أن لها الخيار إذا علمت قلت : هذا خطأ في المرأة هذه لا نكاح لها ولو كان ما قلت كمات قلت كنت قد قستها على ما يخالفها قال : وأين مخالفها ؟ قلت : أرأيت المرأة تنكح ولا تعلم ثم تموت قبل أن تعلم أيرثها زوجها أو يموت أترثه ؟ قال : لا قلت : ولا يحل له جماعها قبل أن تعلم ؟ قال : لا قلت : أفتجد الأمة يزوجها سيدها هل يحل سيدها جماعها ؟ قال : نعم قلت : وكذلك بعد ما تعتق ما لم تختر فسخ النكاح قال : نعم قلت : ولو عتقت فماتت ورثها زوجها ؟ قال : نعم قلت : ولو مات ورثته ؟ قال : نعم قلت : أفتراها تشبه واحدة من الاثنتين اللتين شبهتهما بها ؟ قال : فما حجتك ف يالفرق بين العبد والحر ؟ قلت : ما وصفت لك فإن أصل النكاح كان حلالا جائزا فلم يحرم النكاح بتحول المرأة غلى أحسن ولا أسوأ من حالها الأول إلا بخبر لا يسع خلافه فلما جحاءت السنة بتخيير بريرة وهي عند عبد قلنا به اتباعا لأمر رسول الله A الذي ألزمنا الله اتباعه حيث قال وقلنا : الحر خلاف العبد لما وصفنا وأن الأمة غذا خرجت إلى الحرية لم تكن أحسن حالا منه أكثر ما فيها أن تساويه وهو إذا كان مملوكا فعتقت خرجت مساوته قال : وكيف لم تجعلوا الحر قياسا على العبد ؟ فقلت : وكيف نقيس بالشيء خلافه ؟ إنهما يجتمعان في معنى أنهما زوجان قلت : ويفترقان في أن حالهما مختلفة قال : فلم لا تجمع بينهما حيث يجتمعان ؟ قال : قلت : افتراقهما أكثر من اجتماعهما والذي هو أولى بي إذا كان الأكثر من أمرهما الافتراق أن يفرق بينهما ونحن نسألك قال : سل قلت : ما تقول في الأمة إذا أعتقت تخير ؟ قال : نعم قلت : فإن بيعت تخير ؟ قال : لا قلت : ولم وقد زال رق الذي زوجها فصار في حاله هذه لو ابتدأ نكاحها لم يجز كما لو أنكحها حرة بغير إذنها لم يجز ؟ قال : هما وإن اجتمعا في أن ملك المنكح زائل عن المنكحة فحال الأمة المنكحة مختلفة في أنها انتقلت من رق إلى رق وهي في العتاقة انتقلت من رق إلى حرية قلت : ففرقت بينهما إذا افترقا في معنى وإن اجتمعا في آخر ؟ قال : نعم قلت : فتفريقي بين الخيار في عبد وحر أكثر مما وصفت وأصل الحجة فيه ما وصفت من أن النكاح كان حلالا وما كان حلالا لم يجز تحريمه ولا فسخه إلا بسنة ثابتة أو أمر أجمع الناس عليه فلما كانت السنة في تخيير الأمة إذا عتقت عند عبد لم نعد ما روينا من السنة ولم يحرم النكاح إلا في مثل ذلك المعنى وإنما جعل للأمة الخيار في الالتفريق والمقام والمقام لا يكون إلا والنكاح حلال إلا أن الخيار إنما يكون عندنا - والله تعالى أعلم - لنقص العبد عن الحرية والعلل التي فيه التي قد يمنع فيها ما يجب وتحب امرأته