اختلف في قوله تعالى : { لا جرم } فقال الزجاج : إنها نفي لما ظنوه أنه ينفعهم فكان المعنى لا ينفعهم جرم أنهم في الآخرة أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران وأن عنده في موضع بصب فعلى قوله هذا يوقف على ( لا ) ويبتدأ بجرم وجرم عند الخليل و سيبويه بمعنى حق دون لا و لأبي محمد مكي مصنف في الرد على من جوز الوقف على ( لا ) دون ( جرم ) وألزمه بأشياء من اعتقدها فهو كافر واختلفوا أيضا في قوله : { لا أقسم بيوم القيامة } و { لا أقسم بهذا البلد } ونحوه فقال البصريون و الكسائي معناه أقسم بكذا وقال الزجاج : لا خلاف في أن معناه أقسم وإنما الخلاف في ( لا ) فهي عند البصريين و الكسائي وعامة المفسرين زائدة وقال الفراء : هي رد لكلام تقدم من المشركين كأنهم جحدوا البعث فقيل لهم ليس الأمر كذلك ثم أقسم ليبعثن فعلى هذا يحسن الوقف على ( لا ) .
وأما قوله تعالى : { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا } الوقف هنا كاف لأنه كلام مفيد والذي بعده متعلق به من جهة المعنى وكان أبو القاسم الشاطبي يختار الوقف عليه كذا حكاه السخاوي .
قال العماني : وزعم بعضهم أن الوقف عند قوله : ( فاسقا ) قال : والمعنى لا يستوي المؤمن والفاسق قال : وليس هذا الوقف عندي بشيء ثم قال : والمعنى الذي ذكره هذا الزاعم هو الذي يوجب الوقف على قوله : ( لا يستوون ) انتهى .
قلت : وهذا الذي قاله العماني ليس بشيء والصواب هو الذي ذكرته أولا وأي فرق بين هذا وبين الذي في براءة { وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله } وقد أجاز العماني الوقف على ( في سبيل الله ) فإذا جاز الابتداء هنا بقوله : ( لا يستوون عند الله ) جاز هناك إذ لا فرق بينهما وأظنه نسي ما قاله في التوبة .
وأما قوله تعالى في القصص : { قرة عين لي ولك } قال السخاوي : وقف تام في قول جماعة منهم الدينوري ومحمد بن عيسى ونافع القارئ و ابن قتيبة نهي وزعم قوم أن الوقف على ( لا ) أي هو قرة عين لي ولك لا أي دونك قال : وهذا فاسد أن الفعل الذي هو ( تقتلوه ) مجزوم فأين هو جازمه إذا كانت ( لا ) للنفي لا للنهي ؟ قلت : وما قاله السخاوي ظاهر وإني رأيت بعض الشيوخ يقف عليه