الطهر لغة بفتح الطاء : النظافة من الأوساخ الحسية والمعنوية ومن ذلك ما ورد عن ابن عباس Bهما أن النبي A كان إذا دخل على مريض يعوده قال له : ( لا بأس ظهور إن شاء الله ) ( 1 ) أي : المطهر من الذنوب وهي أقذار معنوية .
وأما الطهارة في اصطلاح الفقهاء فهي صفة حكمية ( 2 ) يستباح بها ما منعه ( 3 ) الحدث أو حكم الخبث وقد عرفها ابن عرفة بقوله : " صفة تقديرية تستلزم للمتصف بها جواز الصلاة " .
دليلها : .
قوله تعالى : { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } ( 4 ) .
وحديث أبي مالك الأشعري Bه قال : قال رسول الله A : ( الطهور شطر الإيمان . . . ) ( 5 ) . [ ص 30 ] .
أقسامها : .
الطهارة قسمان : .
آ - طهارة حدثية أي من الحدثين : وتكون مائية أو ترابية فالمائية بالغسل والمسح والترابية بالمسح فقط .
ب - طهارة خبيثة أي من الخبث : وتكون مائية أو غير مائية فالمائية بالغسل والنضح وغير المائية بالدبغ .
فأما الحدث فهو صفة تقديرية قائمة بجميع البدن أو بأعضاء الوضوء و لا تقوم إلا بالمكلف ( مسلم بالغ عاقل ) . وقد عرفه ابن عرفة بقوله : " الحدث صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة سواء كان بجميع الأعضاء كالجنابة أو ببعضها كحدث الوضوء " .
و على هذا فالحدث قسمان : حدث أصغر وحدث أكبر .
و أما الخبث فهو العين المستقذرة شرعا كالدم والبول و نحوها .
و يقسم الخبث إلى : نجاسة عينية : وهي ذات الخبث .
وحكمية : وهي أثر الخبث المحكوم على المحل به .
حكم الخبث : يمنع الصلاة والطواف والمكث و في المسجد والوضوء والغسل سواء كان مفروضا أو مندوبا أو مسنونا .
_________ .
( 1 ) البخاري : ج 5 / كتاب المرضى باب 10 / 5332 .
( 2 ) حكمية : يحكم العقل ( تبعا للشرع لأن المدار عليه ) بثبوتها وحصولها في نفسها كالجود والخسة والشرف .
( 3 ) ما منعه : الفعل الذي منع منه الحدث الأكبر أو الأصغر أو حكم الخبث .
( 4 ) البقرة : 222 .
( 5 ) مسلم : ج 1 / كتاب الطهارة باب 1 / 1 .
_________ .
المياه [ ص 31 ] .
لا يرفع الحدث ولا حكم الخبث إلا الماء المطلق .
والماء المطلق هو ما صدق عليه اسم الماء ( 1 ) بلا قيد وهو كل ما نبع من الأرض أو نزل من السماء ولم يتغير أحد أوصافه الثلاثة : اللون والطعم والريح بمخالط طاهر أو نجس .
فدليل ما نزل من السماء : قوله تعالى : { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } ( 2 ) وقوله D : { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ( 3 ) .
وحديث عبد الله بن أبي أوفى Bه عن النبي A وسلم فيه : ( . . . اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد . اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ ) ( 4 ) .
ودليل ماء البحر : حديث أبي هريرة Bه قال : سأل رجل رسول الله صلى عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) ( 5 ) .
فإن خالط الماء شيء نجس وغير أحد أوصافه أصبح نجسا وإن خالطه طاهر وغير أحد أوصافه سلبت طهوريته وبقي طاهرا فقط باستثناء ما يلي : [ ص 32 ]