فصل : في سنن الصلاة .
وسنن الصلاة اثنتا عشرة : وهي قراءة سورة مع أم القرأن والجهر بالقراءة في موضع الجهر والإسرار بها في موضع الإسرار والاعتدال في الفصل بين الأركان والتشهد الأول والجلوس له والتشهد الثاني .
والمختار من ألفاظ التشهد تشهد عمر بن الخطاب Bه ولفظه : التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فأما الجلوس فالواجب منه قدر ما يسلم فيه وما يوقع فيه التشهد مسنون وكذلك القيام الذي يقرأ فيه الزيادة على أم القرآن مسنون غير مفروض والتكبير في كل خفض ورفع وقوله : سمع الله لمن حمده في الرفع من الركوع والصلاة على النبي A ولم نذكر سجود السهو لأنه يتنوع إلى واجب وسنة على ما نبينه .
وفضائلها سبع وهي رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام إلى المنكبين لا إلى الأذنين وعنه في رفعهما عند الركوع والرفع منه روايتان إطالة القراءة في الصبح على ما سنذكره والتأمين بعد أم الكتاب والتسبيح في الركوع والسجود والقنوت في الصبح وقول المأموم ربنا ولك الحمد وسجود التلاوة وصفة الجلوس كله صفة واحدة وهي أن يفضي إبهام رجله إلى الأرض بيسرى وركبيه ويضع رجله اليسري تحت يمنى ساقية ينصب رجله اليمنى ويضع كفيه على فخذيه ويقبض يمناهما ويشير بسبابته منها ويبسط يسراهما والسنن والفضائل كثيرا ما تتداخل وقد بينا جملها ونحن نبين تفصيلها في تضاعيف ما نورده من المسائل إن شاء الله .
والمختار له بعد تكبيرة الإحرام أن يعقبها بقراءة أم القرآن من غير أن يفصل بينهما بتسبيح أو توجيه أو قراءة بسم الله الرحمن الرحيم سرا أو جهرا أو استعاذة لا عند قراءة أم القرآن ولا في السورة التي بعدها إلا الذي يصلي التراويح أو يقوم الليل أو يعرض القرآن فإن شاء فصل بين السور بالبسملة والمختار من قدر القراءة في الصلاة مختلف باختلاف أعيانها وهو على ثلاثة أضرب إطالة وقصر وبينهما فالإطالة في الصبح والظهر ويستحب أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل أو ما زاد عليهما بقدر ما يحتمله التغليس ولا يبلغ به الإسفار في الصبح بطوال المفصل أو ما زاد عليهما بقدر ما يحتمله التخفيف في العصر والمغرب ويستحب في العشاء الآخرة بين القراءتين .
والصلوات في الجهر والإسرار على ثلاثة أضرب منها ما يجهر في جميعها وهي الفجر والجمعة ومنها ما يسر في جميعها وهي الظهر والعصر ومنها ما يجمع الأمرين وهي المغرب والعشاء وهذا حكم الفرائض فأما النوافل فتذكر فيما بعد .
والمصلون ثلاثة : إمام ومأموم ومنفرد وهم في أداء الصلاة على ثلاثة أضرب : .
أحدها : يشتركون في الخطاب بفعله الآخر يختص به الإمام والمنفرد والآخر يختص به المأموم دونهما وليس في ذلك ما يختص به الإمام دون المنفرد إلا في مواضع لا يتصور مقصودها في الانفراد على ما نبينه فمما يخاطب به الجميع النية والإحرام والركوع والسجود والفصل بينهما والجلوس والتسليم المفروض وجميع الهيئات والذي ينفرد به الإمام والمنفرد وجوب القراءة والجهر بها وسجود السهو وفعل التسليم الواحد والذي ينفرد به المأموم سقوط فرض القراءة والجهر بها وسجود السهو وفعل التسليمة الثانية ونحن نذكر صفة أداء الصلاة كلها على سياقه وإن طال يتضح به ما ذكرناه .
فنقول والله الموفق : إن وجوب استقبال القبلة واعتقاد نية الفريضة يستوي فيه الصلوات كلها والمصلون كلهم وينفرد المأموم باعتقاد نية الائتمام ولا يلزم الإمام أن ينوي الإمامة إلا في الجمعة وصلاة الخوف ولا يجوز للمأموم أن يخالف الإمام في اعتقاد نية الفرض ولا في النفل ولا في عين الصلاة التي يأتم به فيها إلا أن يكون المأموم متنفلا فله أن يأتم بمفترض .
ومن أحرم لصلاة الصبح يرفع يديه حذو منكبيه والإمام والمنفرد يعقبان التكبير بقراءة أم القرآن وسورة من الطوال جهرا على ما قدمناه في كلتي الركعتين والمأموم سنته بعد التكبير الإنصات والاستماع ومن لا يحسن أم القرآن صلى خلف من يحسنها فإن لم يقدر كبر واعتدل وسبح إن أحسن ثم ركع ولا يجزئه أن يقوم من يحسنها وعليه أن يأتم به إلا ألا يصلح للإمامة ويجوز أن يؤم مثله ومن فرغ منهم من قراءة أم القرآن أمن المنفرد والمأموم والأفضل للإمام الإجزاء بتأمين المأموم والاختيار إخفاء التأمين وإذا فرغ من القراءة كبروا والركوع واعتدلوا فيه ورفع جميعهم منه .
فأما الإمام فيقول إذا رفع رأسه سمع الله لمن حمده ولا يقول : ربنا ولك الحمد والمأموم لا يقول : سمع الله لمن حمده ويقول : اللهم ربنا ولك الحمد والمنفرد يجمع الأمرين ثم يكبر للسجود ويجلس منه ثم يسجد الثانية فإذا هوى للسجود فإن شاء وضع يديه قبل ركبتيه أو ركبتيه قبل يديه إلا أن وضع اليدين ابتداء أحسن وينهض من السجود قائما لا يقعد ثم يقوم إلا أن يضطر إلى ذلك لمرض أو ضعف ويفعل في الثانية من القراءة ما يفعل في الأولى إلا أنه يقنت إن شاء قبل الركوع وإن شاء بعده واختار مالك C قبله من غير تضييق .
ودعاء القنوت على نحو ما ورد في الحديث : .
[ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونترك من يكفرك اللهم إيالك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفذ نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق ] .
اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عفيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك ولا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت وتعاليت .
هذه الألفاظ وما يقاربها وإن كانت في نفسه حاجة دعا الله تعالى بها وكل ذلك سر ثم يركع ويسجد ويجلس على ما بيناه .
فإذا فرغ تشهده سلم الإمام والمنفرد واحدة والمأموم اثنتين ينوي بالأولى التحليل وبالثانية الرد عى الإمام وإن كان على يساره من يسلم عليه نوى الرد عليه .
فأما الظهر فليست تفارق الصبح في الأداء إلا في الإسرار والاختيار للمأموم أن يقرأ إذا أسر إمامه ويؤمن الإمام فيما يسر فيه يكبر القائم من اثنتين بعد اعتداله في القيام بخلاف التكبير في سائر أفعال الصلاة التي يأتي بها مع الشروع في الفعل .
والسنة الجهر في المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين منهما وكل صلاة تزيد على الركعتين فالسنة فيها قراءة سورة مع أم الكتاب في الركعتين الأوليين منها والاقتصار على أم الكتاب في الأخيرتين .
وعورة الرجل المخاطب يسترها في الصلاة من سرته إلى ركبتيه .
وكذلك الأمة وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وتجزيء الصلاة في ثوب واحد إلا أنه يكره له أن يعري كتفيه من رداء أو ما يقوم مقامه في الجماعة وله أن يتقى بثوبه الحر والبرد وأذى الأرض وليس له كفت ثوبه ولا شعره عند الصلاة إلا أن يكون في صنعة صادفته الصلاة عليها فلا يكره له ويكره له التلثم والإقناع وزيادة الانحناء عن التعديل في الركوع