كتاب القطع .
ويجب القطع في السرقة باجتماع أوصاف تكون في السارق والشئ المسروق والموضع المسروق منه وصفة السرقة .
فأما ما يراعى في السارق فأن يكون بالغا عاقلا وأن يكون غير مالك للمسروق منه فإن كان مالكا له لم يقطع كالعبد يسرق من مال سيده .
وأما ما يراعى في المسروق فأن يكون مما ينتفع به وذلك على ضربين : مال وغير مال فأما المال فيراعى فيه أن يكون نصابا أو ما قيمته نصاب لا ملك فيه لسارق ولا شبهة ملك .
والنصاب ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الورق وكل صنف أصل بنفسه لا يقوم بالآخر .
والعروض تقوم بأغلبهما من نقود موضعه وذلك حين السرقة ولا اعتبار بوقت القطع وكذلك ملك المسروق وأن يكون مما تصح سرقته دون ما لا تصح فيقطع سارق العبد الصغير وسارق العبد الكبير الأعجمي الشديد البلادة دون البالغ الفصيح لأن مثل هذا لا يصح أن يسرق .
ولا يقطع الأبوان في سرقتهما من مال ولدهما لشبهتهما فيه واختلف في السرقة من المغنم فأوجب مالك C القطع فيها ولم يره شبهة ورآه عبد الملك شبهة تسقط القطع .
ويقطع في سرقة جميع المتمولات الجائز بيعها وأخذ العوض عليها كان أصلها مباحا أو محظوراص طعاما كان أو غيره .
وفي رطب الطعام ويابسه قدر ما يراعى في المال فأما في غير المال فلا يتصور إلا في الحر الصغير فإنه يقطع سارقه وقيل : في المجنون الحر إن كان ينتفع به قطع سارقه .
فأما الموضع المسروق منه فأن يكون حرزا لمثل ذلك المسروق وذلك يختلف باختلاف عادة الناس في إحراز أموالهم فمن سرق شيئا من موضع قد أحرز فيه وهو حرز مثله في عادة الناس قطع .
والدور والدكاكين إحراز لما يحوز فيها والقبر حرز للكفن إذا سد وأدرج الميت في أكفانه وأبنية حوانيت الباعة حرز لما يوضع فيها من الأحمال والأعدال .
والإنسان حرز لما معه في جيبه أو كمه أو يده أو وسطه أو ثوب على كتفه لبسه لبس مثله .
ولا قطع في ثمر معلق إلا إذا أواه الجرين فذلك حرزه ولا حريسة جبل إلا إذا أوت في المراح والصبي ليس بحرز لما معه أو عليه من ثياب أو حلي إلا أن يكون معه من يحفظه وفروع هذا الباب كثيرة جدا .
وأما صفة السرقة فأن يخرج المسروق من الحرز وهو يساوي نصابا فإن أتلفه في الحرز ثم أخرجه فلا قطع عليه ولا يراعى أن يخرجه بمباشرة أو بمعاونة وذلك بأن يأخذ بيده ويخرج به بنفسه وكذلك إن رماه إلى خارجه أو أخرجه بيده إلى خارج الحرز فأخذه غيره وأخرجه على ظهر دابة أو كانوا جماعة فرفعوه على رأس أحدهم أو ظهره فخرج به وبقواهم في الحرز أو خرجوا معه ففي كل ذلك القطع .
ولا قطع على مختلس ولا مستلب ولا مكابر لا غاصب ولا مستعير جحد وإذا أكملت للسارق أسباب القطع وكان ذلك أول سرقته وهو صحيح الأطراف قطعت يمنى يديه وفي الثانية يسرى رجليه وفي الثالث يسري يديه وفي الرابعة يمنى رجليه وفيما بعد ذلك الضرب والحبس .
ومن لم يكن له الطرف المستحق قطعه قطع ما بعده ومثله إن كان أشل لا منفعة فيه