كتاب الحجر والتفليس وما يتصل بهما .
المستحق عليهم الحجر ضربان : ضرب يستحق عليهم لحقوقهم والضرب الآخر لحقوق غيرهم فالمستحق عليهم لحقوقهم ضربان : صغار وكبار .
فالصغار ذكور وإناث وهم نوعان : عقلاء وغير عقلاء فمن له أب فحق الحجر عليه لأبيه فإن عدم فوصيه ثم وصى وصيه فإن لم يكن وصى فالحاكم .
ثم هم نوعان : عقلاء وغير عقلاء فغير العقلاء يستدام الحجر عليهم إلى أن يعقلوا والعقلاء ضربان : أصاغر وأكابر فالأصاغر يستدام الحجر عليهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم الرشد فحينئذ ينفك عنهم الحج وذلك في الغلام بأن يعرف منه إصلاح ماله وحفظه وتأتيه لتنميته والتحرز من تبذيره وإضاعته وإنفاقه في وجوهه ولا تراعى عدالته في دينه أو فسقه إذا كان مصلحا لماله .
وأما في الصغيرة فيراعى مع البلوغ وإصلاح المال أن تتزوج ويدخل بها زوجها .
وحد البلوغ في الذكور ثلاث علامات وفي النساء خمس فالثلاثة التي يجتمعون فيها : الاحتلام والإنبات والانتهاء من السن إلى ما يعلم بالعادة بلوغ من انتهاء إلى مثله وقال أصحابنا مثل ثمانية عشر سنة وما قاربها وما يزيد به الإناث على الذكور شيئان : الحيض والحمل وأما الأكابر فمن كان منهم مبذرا لماله مضيعا له ابتدى الحجر عليه كان ذلك منه لعجز عن إصلاحه أو لتعمد لإضاعته في شهواته فلا يحجر عليه إلا الحاكم ولا ينفك عنه إلا بحكم حاكم .
وأما المحجور عليهم لحق غيرهم فأربعة زوجات ومرضى وعبيد ومفلسون فأما الزوجات فكل امرأة ذات زوج فليس لها أن تتصرف في مالها فيما زاد على ثلثه بهبة أو صدقة أو عتق وكل ما ليس بمعاوضة إلا بإذن الزوج فإن فعلت فالأمر للزوج إن أجازه جاز وإن رده فسخ جميعه وقيل : ما زاد على الثلث ليس لها التصرف في بقية المال الذي أخرجت ثلثه ولها ذلك في مال آخر إن طرأ لها .
وأما المريض فمحجور عليه لحقوق ورثته إذا كان مرضه مخوفا عليه منه ويلحق بالمريض من كان في حكمه من حصوله في حال يعظم الخوف عليه فيها كالزاحف في الصف والمحبوس للقتل والحامل إذا بلغت ستة أشهر وذلك مذكور في كتاب الوصايا .
وأما العبيد فلساداتهم الحجر عليهم ومنعهم من التصرف في قليل أموالهم وكثيرها بمعاوضة وغيرها كانوا ممن يخفظها أو يضيعها ولسيد العبد أن يأذن له في التجارة ويمنع السيد من انتزاع ماله ويكون دينه في ذمته وفي ماله الذي في يده دون قيمته .
ومن استدان من المحجور عليهم دينا بغير إذن وليه ثم فك حجره لم يلزمه ذلك فيمن حجرعليه لحق نفسه كالسفيه والصغير ولزم فيمن حجر عليه لحق غيره كالبعد يعتق إلا أن يفسخه عنه سيده قبل عتقه .
ولولي المحجور عليه لسفه أو صغر أن يأذن له في التجارة في يسير من ماله يختبره به ويصدق الوصي على ما يذكر من الإنفاق على اليتيم فيما يشبه فإن كان له أم أو حاضنة تمسكه فإن الوصي يدفع إليها نفقته على ما يرى من شهر بشهر أو غير ذلك ويلزمه إقامة البينة على ما يدفعه من ذلك بخلاف ما يتولي إنفاقه بنفسه .
ونفقة الأيتام مختلفة باختلاف أحوالهم وأموالهم فيوسع على من ألف السعة وكان ماله محتملا لذلك في إدامه وكسوته وينفق على أمه إن كانت محتاجة ومن دونه ينفق عليه بالمعروف على قدر ما يحتمله ماله ولا بأس بتأديب اليتيم وضربه إذا احتيج إلى ذلك بالمعروف .
وللولي أن يتجر بماله إذا رأى ذلك حظا له وللناظر في ماله من وصي أو أمين أن يأكل منه بقدر أجرة مثله ولا يقبل قوله في دفع المال إليه بعد بلوغه إلا ببينة بخلاف النفقة