فصل .
وللرجل أن يجعل إلى المرأة طلاقها وذلك على وجهين : .
أحدهما : أن يوكلها .
والآخر : أن يملكها ففي التوكيل له أن يرجع ما لم تطلق نفسها وفي التمليك ليس له ذلك إلا أن تبطل تملكها .
والتمليك على وجهين : تمليك تفويض وتمليك تخيير وهو الخيار على ما ذكره فأما تمليك التفويض فهو أن يقول : قد ملكت أمرك أو أمرك بيدك أو طلاقك بيدك أو ما أشبه ذلك ثم لا يخلو حالها من خمسة أقسام أما أن تجيب بصريح يفهم عنها مرادها منه أو أن تجيب بلفظ مبهم يحتمل الإيقاع وغيره أو أن تفعل ما يدل على مرادها أو أن ترد فتقول : قد اخترتك ولا حاجة لي إلى التمليك أو أن تمسك ولا يظهر منها جواب ولا ما يدل على مرادها .
فأما الأول فهو أن تجيب بصريح فإنه يعمل عليه ثم لا يخلو من أمرين : إما أن تطلق واحدة أو زيادة عليها ففي الواحدة لا مناكرة له فيها وفيما زاد عليها له المناكرة وذلك بأربعة شروط : .
أحدها : أن ينكر حين سماعه من غير سكوت ولا إمهال وإن سكت عن ذلك ثم أنكر من بعد لم يقبل منه .
والآخر : أن يقر بأنه أراد بتمليكه الطلاق وتكون مناكرته في عدده فإن نفى أن يكون أراد طلاقا لم يقبل منه ويقع ما أوقعته ثم إن ادعى بعد ذلك أنه أراد دون ما قضت به قبل منه عند مالك مع يمينه وقال غيره من أصحابه : لا يقبل منه لاعترافه بأنه لم تكن له نية طلاق .
والثالث : أن يدعي أنه نوى واحدة أو اثنتين في حال تمليكه إياها فإن قال لم تكن لي نية لم تكن له مناكرة .
والرابع : أن يكون تمليكه طوعا فإن كان بشرط شرط عليه لم تكن له المناكرة .
فأما القسم الثاني : وهو أن تجيب بلفظ مبهم كقولها : قبلت أمري أوقبلت ما ملكتني أو قبلت بهما فإنها تسأل عن مرادها فإن قالت : أردت البقاء على الزوجية قبل منها وبطل تمليكها وإن قالت : أردت طلاقا قبل منها وكان على ما تقدم وإن قالت : أردت بالقبول تقبل ما ملكنيه دون رده وإسقاطه وتأخير إنجازه لأنظر وأرى قبل منها وأخذت الآن بالتخيير من إيقاع أورد .
وأما الثالث : فهو أن تفعل ما يدل على مرادها مثل أن تنتقل وتنقل قماشها وتنفرد عنه ويظهر من فعلها ما يدل على سرورها بالبعد منه وزوال سلطانه عنها فيحمل ذلك منها على الطلاق ولا يقبل منها إن قالت لم أرده .
وأما الرابع : وهو أن ترد وتصرح باختيارها لزوجها فيقبل منها ويسقط تمليكها وتعود إلى ما كانت .
وأما الخامس : فهو أن تمسك عن جواب أو فعل يقوم مقامه حتى يفترقا أو يطول بهما المجلس طولا يخرج عن أن يكون ما يأتي به جوابا ففيه روايتان : إحداهما : إبطال حقها من التملك والأخرى بقاؤه وأخذها بموجبه من تطليق أورد فإن فعلت وإلا رفعت إلى الحاكم ليحكم عليها بسقوط التمليك واختلاف القول فيه لا ختلاف ما بني عليه فعلى الأول يكون حكمه حكم العقود التي تبطل بتراخي الجواب وعلى الثانية حكمه حكم التمليكات كخيار العتق وفي طول المجلس بها أيضا خلاف بين أصحابنا .
وأما تمليك التخيير فهو على ضربين : تخيير مطلق وتخيير مقيد .
فأما المقيد فهو أن يخبرها في عدد بعينه من أعداد الطلاق فيقول لها : اختاريني أو اختاري طلقة أو طلقتين فليس لها أن تختار زيادة على ما جعل لها .
والمطلق هو التخيير في النفس وهو أن يقول لها : اختاريني أو اختاري نفسك فهذا يقتضي اختيار ما تنقطع به العصمة وهو الثلاث وإن قالت : اخترت واحدة أو ثنتين لم يكن ذلك لها وبطل خيارها فإن قالت : اخترت نفسي كانت ثلاثا ولا يقبل منها إن فسرته أن يكون بما دونه