- جماع الخير كله في تقوى الله واعتزال أشرار الناس . ومن التقوى النظر في المكاسب وأدب النفس في تحصيل القوت من الحلال فمن كان ماله حراما لم تجز معاملته وأكل طعامه وقبول هديته وإن كان مشتبها كره والأولى التنزه ويحرم استعمال أواني النقدين وعلى الرجال لباس الحرير والتحلي بالذهب ( 2 ) ومن الفضة بغير الخاتم ووليمة العرس مندوبة وإجابتها مستحبة ما لم يكن هناك منكر ويكره لأهل الفضل التسارع إلى الولائم ومن آداب المطعمة والمشربة أن يسمي الله في ابتدائه ويحمده في انتهائه ويأكل ويشرب بيمينه ومما يليه إلا أن يكون طعاما مختلفا أو في أهله ولا ينفخ في طعامه وشرابه وليرق الغذا ويزيل الإناء للتنفس ويتناول الأيمن فالأيمن والإبتداء بالسلام سنة ورده آكد منه ولا بأس به على القواعد ويجزئ الواحد من الجماعة كالرد وتشميت العاطس وليعلن بالحمد لله ويغمر وجهه ولا يهجر مسلم مسلما فوق ثلاث إلا لبدعة وخيرهما الذي يبدأ بالسلام والاستئذان ثلاث فإن أذن له وإلا انصرف وليسم نفسه ولا ينظر في منزل قوم وهم لا يشعرون ولا يسمع حديثهم ولا يدخل الحمام إلا مستورا ( 3 ) ويكره للنساء إلا لضرورة ويحرم حضور مجالس اللهو والمنكر ولينه عنه ويأمر بالمعروف ويلزم نفسه ترك الغيبة والنميمة ويستحب عند النوم غلق الباب وطفء ( 4 ) المصباح وإيكاء الإناء فإذا أخذ مضجعه اضطجع على شقه الأيمن ويقول اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك ( 5 ) الذي أرسلت ثم يسبح الله عشرا ويحمده عشرا ويكبره عشرا فإذا استيقظ قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله الذي أحياني بعد مماتي وإليه النشور . فإن رأى في منامه مايكره فليتعوذ بالله من شرها ويتفل عن يساره ثلاثا ويتحول عن شقه إلى الآخر ومن الفطرة ( 6 ) قص الشارب وإعفاء اللحية وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان والخضاب وتركه موسع ويكره بالسواد ويحرم قصد التدليس ( 7 ) . ولا بأس بالتداوي والرقي . والتعوذ بأسماء الله تعالى ولا تظهر المرأة من زينتها لغير محارمها ولا تمشي في ثوب يظهر تكسر عظامها ولا بأس بدخول عبدها المأمون عليها ولا يجاوز ثوب الرجل كعبيه ولا يجره خيلاء ولا بأس بالمصافحة وتكره المعانقة وبوس اليد ( 8 ) وتعطير المساجد وتخليقها وتجنب النار والصيبان وشهور السلاح ولا يلقى فيه نخامة ولا قصاصة شعر ويندب إلى عيادة المرضى وتشييع الجنائز والسعي في حوائج الإخوان ويحرم اللعب بالنرد والشطرنج ( 9 ) وجميع آلة القمار ولا بأس بقتل الوزع وتستأذن حيأت البيوت ثلاثا فإن بدت بعد قتلها .
_________ .
( 1 ) أي هذا كتاب جامع يجمع جملا من الواجبات والمسنونات ويضم نتفا من الآداب ومحاسن الشيم والمكمات ختم المصنف متنه بهذا الكتاب اقتداء بصنيع الإمام مالك في الموطأ والامام أبي محمد بن أبي زيد في الاقلال من الدنيا والاقبال على الآخرة ولذلك افتتحه بتقوى الله التي جماع الخير كله جعلنا الله من المتقين بمنه وفضله .
( 2 ) ومنه لبس الساعات الذهبية التي شاع استعمالها في هذا العصر بين كثيرا ممن ينتمي إلى العلم منتحلين في استعمالها أعذارا واهية .
( 3 ) عن جابر Bه عن النبي A قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه على شرط مسلم وروى ابن ماجه وأبو داود عن عبد الله بن عمر أن رسول الله A قال : " ستفتح عليكم أهل العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزار وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء " .
( 4 ) الصواب إغلاق الباب وإطفاء المصباح لأنهما من أغلق وأطفأ ولعله من تصحيف الناسخ .
( 5 ) لفظ الرواية ونبيك الذي أرسلت قال البراء بن عازب قال النبي A إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري وألجأت ظهري اليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت تجعلهن آخر ما تتكلم به قال فرددتها على النبي A فلما بلغت : آمنت بكتابك الذي أنزلت . قلت ورسولك قال : لا ونبيك الذي أرسلت الحديث رواه الشيخان وأهل السنن .
( 6 ) يعني الدين قال الله تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ) الآية وقال A ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) الحديث .
( 7 ) أي يحرم الخضاب بالسواد للتدليس . كأن يفعله ليوهم امرأة يريد زوجها بأنه صغير فتتزوجه .
( 8 ) وردت أحاديث في المعانقة وتقبيل اليد وإنما كرهها مالك لأن الأحاديث لم تبلغه من طريق يصح عنده فلذلك أنكرها . قال في الرسالة وكره مالك تقبيل اليد وأنكر ماروى فيه اه . ولابن الأعرابي تلميذ أبي داود كتاب القبل بضم القاف وفتح الباء جمع قبلة - وروى فيه أحاديث وآثار في جواز التقبيل وقد لخص مافيه مع زيادة في كتاب اسمه إعلام النبيل بجواز التقبيل وهو مطبوع .
( 9 ) أما حرمة النرد فلما رواه مالك في الموطأ عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله A قال " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " والنرد هو اللعبة المعروفة في مصر بالطاولة . وأما الشطرنج فلم يصح في تحريمه حديث بل قاسه مالك على النرد وقال هو ألهى وأشر . وأجازه الشافعي وغيره مع الكراهة وهذا بحث طويل لاستقصائه موضع آخر