- القضاء فرض كفاية إلا أن يتعين فلا يجوز الامتناع ويشترط أن يكون مسلما ذكرا مكلفا سميعا بصيرا كاتبا فطنا متيقظا ورعا عدلا مجتهدا ( 1 ) فإن عدم جاز المقلد وليكن شديدا في دينه ذا أناة في حكمه يستشير العلماء يستبطن من أهل الدين والأمانة من يعرف أحوال الشهود والخصوم وما لا يطلع عليه من أحوال الناس ولا يحكم بعلمه إلا في العدل والجرح وهو فيما عداهما شاهد . وإذا نسي حكما فقامت بينه به أو وجده في قمطرة بخطه أنفذه وليجلس بموضع يجلس إليه الدني والشريف والقوي والضعيف والحائض ولا يحكم حتى يسمع تمام ( 2 ) الدعوى والبينة ويسأل المدعى عليه هل لك مدفع لا في حالة يذهل فيها كالغضب وله الاستعانة بمن يخفف عنه النظر في الأحباس والوصايا وأموال الأيتام ويسوي بين الخصوم ويقدم الأسبق فإن استووا فبالقرعة فأن تعدى أحدهما أو قال ما يكره فالأدب أمثل من العفو ولا يغضب لقوله : اتق الله فإن لم يعرف لغته فالمذهب أنه يترجم له عدلان وروى أشهب وابن المواز إجزاء الواحد ولا يحلف حتى تثبت الخلطة بينهما إلا أن يكونا غريبين وليس له ولا لغيره نقص حكم إلا أن يخالف قاطعا أو يكون جورا ولا يحكم وعنده شك أو تردد واتفق شيوخ المذهب على أن قضاء الفسوخ ونقل الأملاك حكم فلو رفع إليه أمر مختلف فيه كنكاح عقد بغير ولي مثلا فأقره قال ابن القاسم هو كالحكم وقال ابن الماجشون ليس بحكم ولو لم يكن منه إلا مجرد قوله لا أجيزه من غير قصد فسخ فليس بحكم ولا ينعزل بموت الولي بخلاف القاضي يستنيب فإنه ينعزل بموته وعزله وطرو فسقه وقال أصبغ لا ينعزل بل يجب عزله وإذ اشتكاه الناس نظر الوالي فإن كان صالحا ظاهر العدالة أقره وإلا عزله إلا أن لا يجد غيره وحكمه لا يغير الباطل ولا يحل حراما ولا يحرم حلالا ويجوز التحكيم ويلزم ما حكم وإن خالف قاضي البلد .
_________ .
( 1 ) هذا ما مشى عليه صاحب المختصر أيضا لكن المتأخرين رجحوا الامتفاء بالمقلد ابتداء لقولهم بانقطاع الاجتهاد . وهو خطأ نشأعن عدم تحرير معنى الاجتهاد وبيان ذلك أن المجتهد نوعان : .
أ - مجتهد مستقل وهو الذي استقل بتقعيد القواعد زتأصيل الأصول كالأئمة الأربعة وشيوخهم إلى عهد الصحابة والتابعين فإن منهم من جعل المرسل حجة ومنهم من اعتبر عمل أهل المدينة ومنهم من اشترط في خبر الواحد شروطا ككونه غير مخالف للقياس أو كون راويه فقيها ومنهم من تمسك بشرع من قبلنا إلى غير ذلك وهذا النوع من الاحتهاد قد انقطع ولا يمكن أن يوجد لأن القواعد والأصول قد مهدت وفرغ منها ( ب ) مجتهد مطلق وهو الذي يتبع الدليل حيث وجد ويختار من تلك القواعد والأصول ما يراه موافقا للغة أو الشرع غير مقيد بمذهب معين فتارة يوافق أحد الأئمة الأربعة وتارة يافق بعض شيوخهم أو بعض الصحابة .
وهذا النوع غير منقطع وهو المشترط في القاضي فانفرض انقطاعه كفى حينئذ أمثل مقلد كمجتهد المذهب فمن دونه .
( 2 ) لحديث علي عليه السلام أن رسول الله A قال : " يا علي إذا جلس الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فانك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء " رواه الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان