- وذلك إنما ورد في الشرع في وقت وجوب المشي إلى الجمعة فقط لقوله تعالى { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } وهذا أمر مجمع عليه فيما أحسب أعني منع البيع عند الأذان الذي يكون بعد الزوال والإمام على المنبر . واختلفوا في حكمه إذا وقع هل يفسخ أو لا يفسخ ؟ فإن فسخ فعلى من يفسخ ؟ وهل يلحق سائر العقود في هذا المعنى بالبيع أم لا يلحق ؟ فالمشهور عن مالك أنه يفسخ وقد قيل لا يفسخ وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة . وسبب الخلاف كما قلنا غير ما مرة هل النهي الوارد لسبب من خارج يقتضي فساد المنهي عنه أو لا يقتضيه ؟ وأما على من يفسخ ؟ فعند مالك على من تجب عليه الجمعة لا على من لا تجب عليه . وأما أهل الظاهر فتقتضي أصولهم أن يفسخ على كل بائع . وأما سائر العقود فيحتمل أن تلحق بالبيوع لأن فيها المعنى الذي في البيع من الشغل به عن السعي إلى الجمعة ويحتمل أن لا يلحق به لأنها تقع في هذا الوقت نادرا بخلاف البيوع . وأما سائر الصلوات فيمكن أن تلحق بالجمعة على جهة الندب لمرتقب الوقت فإذا فات فعلى جهة الحظر وإن كان لم يقل به أحد في مبلغ علمي ولذلك مدح الله تاركي البيوع لمكان الصلاة فقال تعالى { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة } . وإذ قد أثبتت أسباب الفساد العامة للبيوع فلنصر إلى ذكر الأسباب والشروط المصححة له وهو القسم الثاني من النظر العام في البيوع