- ( فصل ) وأما نهيه A عن بيع الحاضر للباد فاختلف العلماء في معنى ذلك فقال قوم : لا يبع أهل الحضر لأهل البادية قولا واحدا . واختلف عنه في شراء الحضري للبدوي فمرة أجازه وبه قال ابن حبيب ومرة منعه وأهل الحضر عنده هم الأمصار وقد قيل عنه إنه لا يجوز أن يبيع أهل القرى لأهل العمود المنتقلين وبمثل قول مالك قال الشافعي والأوزاعي وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا بأس أن يبيع الحاضر للبادي ويخبره بالسعر وكرهه مالك أعني أن يخبر الحضري البادي بالسعر وأجازه الأوزاعي . والذين منعوه اتفقوا على أن القصد بهذا النهي هو إرفاق أهل الحضر لأن الأشياء عند أهل البادية أيسر من أهل الحاضرة وهي عندهم أرخص بل أكثر ما يكون مجانا عندهم : أي بغير ثمن فكأنهم رأوا أنه يكره أن ينصح الحضري للبدوي وهذا مناقض لقوله E " الدين النصيحة " وبهذا تمسك في جوازه أبو حنيفة . وحجة الجمهور حديث جابر خرجه مسلم وأبو داود قال : قال رسول الله A " لا يبيع حاضر لباد ذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " وهذه الزيادة انفرد بها أبو داود فيما أحسب والأشبه أن يكون من باب غبن البدوي لأنه يرد والسعر مجهول عنده إلا أن تثبت هذه الزيادة ويكون على هذا معنى الحديث معنى النهي عن تلقي الركبان على ما تأوله الشافعي وجاء في الحديث الثابت . واختلفوا إذا وقع فقال الشافعي : إذا وقع فقد تم وجاز البيع لقوله E " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " واختلف في هذا المعنى أصحاب مالك فقال بعضهم : يفسخ وقال بعضهم : لا يفسخ