- ( المسألة الثالثة ) وأما كون الرق مؤثرا في نقصان عدد الطلاق فإنه حكى قوم أنه إجماع وأبو محمد بن حزم وجماعة من أهل الظاهر مخالفون فيه ويرون أن الحر والعبد في هذا سواء . وسبب الخلاف معارضة الظاهر في هذا للقياس وذلك أن الجمهور صاروا إلى هذا المكان قياس طلاق العبد والأمة على حدودهما وقد أجمعوا على كون الرق مؤثرا في نقصان الحد . أما أهل الظاهر فلما كان الأصل عندهم أن حكم العبد في التكاليف حكم الحر إلا ما أخرجه الدليل والدليل عندهم هو نص أو ظاهر من الكتاب أو السنة ولم يكن هناك دليل مسموع صحيح وجب أن يبقى العبد على أصله ويشبه أن يكون قياس الطلاق على الحد غير سديد لأن المقصود بنقصان الحد رخصة للعبد لمكان نقصه وأن الفاحشة ليست تقبح منه قبحها من الحر . وأما نقصان الطلاق فهو من باب التغليظ لأن وقوع التحريم على الإنسان بتطليقتين أغلظ من وقوعه بثلاث لما عسى أن يقع في ذلك من الندم والشرع إنما سلك في ذلك سبيل الوسط وذلك أنه لو كانت الرجعة دائمة بين الزوجة لعنتت المرأة وشقيت ولو كانت البينونة واقعة في الطلقة الواحدة لعنت الزوج من قبل الندم وكان ذلك عسيرا عليه فجمع الله بهذه الشريعة بين المصلحتين ولذلك ما نرى والله أعلم أن من ألزم الطلاق الثلاث في واحدة فقد رفع الحكمة الموجودة في هذه السنة المشروعة