- ( المسألة الأولى ) جمهور الفقهاء الأمصار على أن الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة وقال أهل الظاهر وجماعة : حكمه حكم الواحدة ولا تأثير للفظ في ذلك وحجة هؤلاء ظاهر قوله تعالى { الطلاق مرتان } إلى قوله في الثالثة { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } والمطلق بلفظ الثلاث مطلق واحدة لا مطلق ثلاث واحتجوا أيضا بما خرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله A وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فأمضاه عليهم عمر واحتجوا أيضا بما رواه ابن إسحق عن عكرمة عن ابن عباس قال " طلق ركانة زوجه ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول الله A : كيف طلقتها ؟ قال : طلقتها ثلاثا في مجلس واحد قال : إنما تلك طلقة واحدة فارتجعها " وقد احتج من انتصر لقول الجمهور بأن حديث ابن عباس الواقع في الصحيحين إنما رواه عنه من أصحابه طاوس وأن جلة أصحابه رووا عنه لزوم الثلاث منهم سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وجماعة غيرهم وأن حديث ابن إسحق وهم وإنما روى الثقات أنه طلق ركانة زوجه البتة لا ثلاثا . وسبب الخلاف هل الحكم الذي جعله الشرع من البينونة للطلقة الثالثة يقع بإلزام المكلف نفسه هذا الحكم في طلقة واحدة أم ليس يقع ؟ ولا يلزم من ذلك إلا ما ألزم الشرع ؟ فمن شبه الطلاق بالأفعال التي يشترط في صحة وقوعها كون الشروط الشرعية فيها كالنكاح والبيوع قال : لا يلزم ومن شبهه بالنذور والأيمان التي ما التزم العبد منها لزمه على أي صفة كان ألزم الطلاق كيفما ألزمه المطلق نفسه وكأن الجمهور غلبوا حكم التغليظ في الطلاق سدا للذريعة ولكن تبطل بذلك الرخصة الشرعية والرفق المقصود في ذلك أعني في قوله تعالى { لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }