- واختلفوا في نكاح المريض فقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز وقال مالك في المشهور عنه : إنه لا يجوز ويتخرج ذلك من قوله إنه يفرق بينهما وإن صح ويتخرج من قوله إنه لا يفرق بينهما أن التفريق مستحب غير واجب . وسبب اختلافهم تردد النكاح بين البيع وبين الهبة وذلك أنه لا تجوز هبة المريض إلا من الثلث ويجوز بيعه ولاختلافهم أيضا سبب آخر وهو هل يتهم على إضرار الورثة بإدخال وارث زائد أو لا يتهم ؟ وقياس النكاح على الهبة غير صحيح لأنهم اتفقوا على أن الهبة تجوز إذا حملها الثلث ولم يعتبروا بالنكاح هنا بالثلث ورد جواز النكاح بإدخال وارث قياس مصلحي لا يجوز عند أكثر الفقهاء وكونه يوجب مصالح لم يعتبرها الشرع إلا في جنس بعيد من الجنس الذي يرام فيه إثبات الحكم بالمصلحة حتى إن قوما رأوا أن القول بهذا القول شرع زائد وإعمال هذا القياس يوهن ما في الشرع من التوقيف وأنه لا يجوز الزيادة فيه كما لا يجوز النقصان والتوقف أيضا عن اعتبار المصالح تطرق للناس أن يتسرعوا لعدم السنن التي في ذلك الجنس إلى الظلم فلنفوض أمثال هذه المصالح إلى العلماء بحكمة الشرائع الفضلاء الذين لا يتهمون بالحكم بها وبخاصة إذا فهم من أهل ذلك الزمان أن في الاشتغال بظواهر الشرائع تطرقا إلى الظلم ووجه عمل الفاضل العالم في ذلك أن ينظر إلى شواهد الحال فإن دلت الدلائل على أنه قصد بالنكاح خيرا لا يمنع النكاح وإن دلت على أنه قصد الإضرار بورثته منع من ذلك كما في أشياء كثيرة من الصنائع يعرض فيها للصناع الشيء وضده مما اكتسبوا من قوة مهنتهم إذ لا يمكن أن يحد في ذلك حد مؤقت صناعي وهذا كثيرا ما يعرض في صناعة الطب وغيرها من الصنائع المختلفة