- ( المسألة الرابعة ) واختلفوا هل تعمل ذكاة الأم في جنينها أم ليس تعمل فيه ؟ وإنما هو ميتة أعني إذا خرج منها بعد ذبح الأم فذهب جمهور العلماء إلى أن ذكاة الأم ذكاة لجنينها وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة : إن خرج حيا ذبح وأكل وإن خرج ميتا فهو ميتة . والذين قالوا : إن ذكاة الأم ذكاة له بعضهم اشترط في ذلك تمام خلقته ونبات شعره وبه قال مالك وبعضهم لم يشترط ذلك وبه قال الشافعي . وسبب اختلافهم اختلافهم في صحة الأثر المروي في ذلك من حديث أبي سعيد الخدري مع مخالفته للأصول وحديث أبي سعيد هو قال " سألنا رسول الله A عن البقرة أو الناقة أو الشاة ينحرها أحدنا فنجد في بطنها جنينا أنأكله أو نلقه ؟ فقال : كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه " وخرج مثله الترمذي وأبو داود عن جابر . واختلفوا في تصحيح هذا الأثر فلم يصححه بعضهم وصححه بعضهم وأحد من صححه الترمذي . وأما مخالفة الأصل في هذا الباب للأثر فهو أن الجنين إذا كان حيا ثم مات بموت أمه فإنما يموت خنقا فهو من المنخنقة التي ورد النص بتحريمها وإلى تحريمه ذهب أبو محمد بن حزم ولم يرض سند الحديث . وأما اختلاف القائلين بحليته في اشتراطهم نبات الشعر فيه أو لا اشتراطه فالسبب فيه معارضة العموم للقياس وذلك أن عموم قوله E " ذكاة الجنين ذكاة أمه " يقتضي أن لا يقع هنالك تفصيل وكونه محلا للذكاة يقتضي أن يشترط فيه الحياة قياسا على الأشياء التي تعمل فيها التذكية والحياة لا توجد إلا فيه إذا نبت شعره وتم خلقه يعضد هذا القياس أن هذا الشرط مروي عن ابن كعب وعن جماعة من الصحابة . وروى معمر عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : كان أصحاب رسول الله A يقولون : إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه . وروى ابن المبارك عن ابن أبي ليلى قال : قال رسول الله A " ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر " إلا أن ابن أبي ليلى سيء الحفظ عندهم والقياس يقتضي أن تكون ذكاته في ذكاة أمه من قبل أنه جزء منها وإذا كان ذلك كذلك فلا معنى لاشتراط الحياة فيه فيضعف أن يخصص العموم الوارد في ذلك بالقياس الذي تقدم ذكره عن أصحاب مالك