- ( وأما المسألة الثالثة ) فإن مالكا وأبو حنيفة قالا : يحسب على الرجل ما أكل من ثمره وزرعه قبل الحصاد في النصاب وقال الشافعي : لا يحسب عليه ويترك الخارص لرب المال ما يأكل هو وأهله . والسبب في اختلافهم ما يعارض الآثار في ذلك من الكتاب والقياس . أما السنة في ذلك فما رواه سهل بن أبي حثمة " أن النبي A بعث أبا حثمة خارصا فجاء رجل فقال : يا رسول الله إن أبا حثمة قد زاد علي فقال رسول الله A : إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه فقال : يا رسول الله لقد تركت له قدر عرية أهله وما يطعمه المساكين وما تسقطه الريح فقال : قد زادك ابن عمك وأنصفك " وروي أن رسول الله A قال " إذا خرصتم فدعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع " وروي عن جابر أن رسول الله A قال " خففوا في الخرص فإن في المال العرية والآكلة والوصية والعامل والنوائب وما وجب في الثمر من الحق " وأما الكتاب المعارض لهذه الآثار والقياس فقوله تعالى { كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده } . وأما القياس فلأنه مال فوجبت فيه الزكاة أصله سائر الأموال . فهذه هي المسائل المشهورة التي تتعلق بقدر الواجب في الزكاة والواجب منه في هذه الأجناس الثلاثة التي الزكاة مخرجة من أعيانها لم يختلفوا أنها إذا خرجت من الأعيان أنفسها أنها مجزئة واختلفوا هل يجوز فيها أن يخرج بدل العين القيمة أو لا يجوز ؟ فقال مالك والشافعي : لا يجوز إخراج القيم في الزكوات بدل المنصوص عليه في الزكوات وقال أبو حنيفة : يجوز سواء قدر على المنصوص عليه أو لم يقدر . وسبب اختلافهم هل الزكاة عبادة أو حق واجب للمساكين فمن قال إنها عبادة : قال إن أخرج من غير تلك الأعيان لم يجز لأنه إذا أتى بالعبادة على غير الجهة المأمور بها فهي فاسدة ومن قال هي حق للمساكين فلا فرق بين القيمة والعين عنده وقد قالت الشافعية : لنا أن نقول وإن سلمنا أنها حق للمساكين أن الشارع إنما علق الحق بالعين قصدا منه لتشريك الفقراء مع الأغنياء في أعيان الأموال : والحنفية تقول : إنما خصت بالذكر أعيان الأموال تسهيلا على أرباب الأموال لأن كل ذي مال إنما يسهل عليه الإخراج من نوع المال الذي بين يديه ولذلك جاء في بعض الأثر أنه جعل في الدية على أهل الحلل حللا على ما سيأتي في كتاب الحدود