- والأصل في هذا الباب أن رسول الله A كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة " وخرج أبو داود عن ليلى بنت قائف الثقفية قالت " كنت فيمت غسل أم كلثوم بنت رسول الله A فكان أول ما أعطاني رسول الله A الحقو ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر قالت : ورسول الله A جالس عند الباب معه أكفانها يناولناها ثوبا ثوبا " فمن العلماء من أخذ بظاهر هذين الأثرين فقال : يكفن الرجل في ثلاثة أثواب والمرأة في خمسة أثواب وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة . وقال أبو حنيفة : أقل ما تكفن فيه المرأة ثلاثة أثواب والسنة خمسة أثواب وأقل ما يكفن فيه الرجل ثوبان والسنة فيه ثلاثة أثواب . ورأى مالك أنه لا حد في ذلك وأنه يجزئ ثوب واحد فيهما إلا أنه يستحب الوتر . وسبب اختلافهم في التوقيت اختلافهم في مفهوم هذين الأثرين فمن فهم منهما الإباحة لم يقل بالتوقيت إلا أنه استحب الوتر لاتفاقهما في الوتر ولم يفرق في ذلك بين المرأة والرجل وكأنه فهم منهما الإباحة إلا في التوقيت فإنه فهم منه شرعا لمناسبته للشرع ومن فهم من العدد أنه شرع الإباحة قال بالتوقيت إما على جهة الوجوب وإما على جهة الاستحباب وكله واسع إن شاء الله وليس فيه شرع محدود ولعله تكلف شرع فيما ليس فيه شرع وقد كفن مصعب بن عمير يوم أحد بنمرة فكانوا إذا غطوا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطوا بها رجليه خرج رأسه فقال رسول الله A " غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر " واتفقوا على أن الميت يغطى رأسه ويطيب إلا المحرم إذا مات في إحرامه فإنهم اختلفوا فيه فقال مالك وأبو حنيفة : المحرم بمنزلة غير المحرم . وقال الشافعي : لا يغطى رأس المحرم إذا مات ولا يمس طيبا . وسبب اختلافهم معارضة العموم للخصوص . فأما الخصوص فهو حديث ابن عباس قال " أتى النبي A برجل وقصته راحلته فمات وهو محرم فقال : كفنوه في ثوبين واغسلوه بماء وسدر ولا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة يلبي " وأما العموم فهو ما ورد من الأمر بالغسل مطلقا فمن خص من الأموات المحرم بهذا الحديث كتخصيص الشهداء بقتلى أحد جعل الحكم منه E على الواحد حكما على الجميع وقال : لا يغطى رأس المحرم ولا يمس طيبا . ومن ذهب مذهب الجمع لا مذهب الاستثناء والتخصيص قال : حديث الأعرابي خاص به لا يعدى إلى غيره