- وأما الأموات الذين يجب غسلهم فإنهم اتفقوا من ذلك على غسل الميت المسلم الذي لم يقتل في معترك حرب الكفار . واختلفوا في غسل الشهيد وفي الصلاة عليه وفي غسل المشرك . فأما الشهيد : أعني الذي قتله في المعترك المشركون فإن الجمهور على ترك غسله لما روي " أن رسول الله A أمر بقتلى أحد فدفنوا بثيابهم ولم يصل عليهم " وكان الحسن وسعيد ابن المسيب يقولان : يغسل كل مسلم فإن كل ميت يجنب ولعلهم كانوا يرون إن ما فعل بقتلى أحد كان لموضع الضرورة : أعني المشقة في غسلهم وقال بقولهم من فقهاء الأمصار عبيد الله بن الحسن العنبري . وسئل أبو عمر فيما حكى ابن المنذر عن غسل الشهيد فقال : قد غسل عمر وكفن وحنط وصلى عليه وكان شهيدا يC . واختلف الذين اتفقوا على أن الشهيد في حرب المشركين لا يغسل في الشهداء من قتل اللصوص أو غير أهل الشرك . فقال الأوزاعي وأحمد وجماعة حكمهم حكم من قتله أهل الشرك . وقال مالك والشافعي : يغسل . وسبب اختلافهم هو هل الموجب لرفع حكم الغسل هي الشهادة مطلقا أو الشهادة على أيدي الكفار فمن رأى أن سبب ذلك هي الشهادة مطلقا قال : لا يغسل كل من نص عليه النبي E أنه شهيد ممن قتل . ومن رأى أن سبب ذلك هي الشهادة من الكفار قصر ذلك عليهم . وأما غسل المسلم الكافر فكان مالك يقول : لا يغسل المسلم والده الكافر ولا يقبره إلا أن يخاف ضياعه فيواريه . وقال الشافعي : لابأس بغسل المسلم قرابته من المشركين ودفنهم وبه قال أبو ثور وأبو حنيفة وأصحابه قال أبو بكر بن المنذر : ليس في غسل الميت المشرك سنة تتبع وقد روى " أن النبي E . أمر بغسل عمه لما مات " . وسبب الخلاف هل الغسل من باب العبادة أو من باب النظافة ؟ فإن كانت عبادة لم يجز غسل الكافر وإن كانت نظافة جاز غسله