- ( المسألة الأولى ) اختلفوا في طهر الجمعة فذهب الجمهور إلى أنه سنة وذهب أهل الظاهر إلى أنه فرض ولا خلاف فيما أعلم أنه ليس شرطا في صحة الصلاة والسبب في اختلافهم تعارض الآثار وذلك أن في هذا الباب حديث أبي سعيد الخدري وهو قوله E " طهر يوم الجمعة واجب على كل محتلم كطهر الجنابة " وفيه حديث عائشة قالت : " كان الناس عمال أنفسهم فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم فقيل لو اغتسلتم ؟ والأول صحيح باتفاق والثاني خرجه أبو داود ومسلم . وظاهر حديث أبي سعيد يقتضي وجوب الغسل وظاهر حديث عاشة أن ذلك كان لموضع النظافة وأنه ليس عبادة وقد روي " من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل " وهو نص في سقوط فرضيته إلا أنه حديث ضعيف . وأما وجوب الجمعة على من هو خارج المصر فإن قوما قالوا : لا تجب على من خارج المصر وقوم قالوا : بل تجب وهؤلاء اختلفوا اختلافا كثيرا فمنهم من قال : من كان بينه وبين الجمعة مسيرة يوم وجب عليه الإتيان إليها وهو شاذ ومنهم من قال يجب عليه الإتيان إليها على ثلاثة أميال ومنهم من قال : يجب عليه الإتيان من حيث يسمع النداء في الأغلب وذلك من ثلاثة أميال من موضع النداء وهذان القولان عن مالك وهذه المسألة ثبتت في شروط الوجوب . وسبب اختلافهم في هذا الباب اختلاف الآثار وذلك أنه ورد أن الناس كانوا يأتون الجمعة من العوالي في زمان النبي A وذلك ثلاثة أميال من المدينة . وروى أبو داود أن النبي E قال " الجمعة على من سمع النداء " وروي " الجمعة على من آواه الليل إلى أهله " وهو أثر ضعيف وأما اختلافهم في الساعات التي وردت في فضل الرواح وهو قوله E " من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة " فإن الشافعي وجماعة من العلماء اعتقدوا أن هذه الساعات هي ساعات النهار فندبوا إلى الرواح من أول النهار وذهب مالك إلى أنها أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده وقال قوم : هي أجزاء ساعة قبل الزوال وهو الأظهر لوجوب السعي بعد الزوال إلا على مذهب من يرى أن الواجب يدخله الفضيلة . وأما اختلافهم في البيع والشراء وقت النداء فإن قوما قالوا : يفسخ البيع إذا وقع النداء وقوما قالوا لا يفسخ . وسبب اختلافهم هل النهي عن الشيء الذي أصله مباح إذا تقيد النهي بصفة يعود بفساد المنهي عنه أم لا ؟ . وآداب الجمعة ثلاث الطيب والسواك واللباس الحسن ولا خلاف فيه لورود الآثار بذلك