- ( المسألة الأولى ) اختلف العلماء في التكبير على ثلاثة مذاهب : فقوم قالوا : إن التكبير كله واجب في الصلاة . وقوم قالوا : إنه كله ليس بواجب وهو شاذ . وقوم أوجبوا تكبيرة الإحرام فقط وهم الجمهور وسبب اختلاف من أوجبه كله ومن أوجب منه تكبيرة الإحرام فقط : معارضة ما نقل من قوله لما نقل من فعله E فأما ما نقل من قوله فحديث أبي هريرة المشهور أن النبي E قال للرجل الذي علمه الصلاة " إذا أردت الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ " فمفهوم هذا هو أن التكبيرة الأولى هي الفرض فقط ولو كان ما عدا ذلك من التكبير فرضا لذكره له كما ذكر سائر فروض الصلاة . وأما ما نقل من فعله فمنها حديث أبي هريرة " أنه كان يصلي فيكبر كلما حفض ورفع ثم يقول : إني لأشبهكم صلاة بصلاة رسول الله A " ومنها حديث مطرف بن عبد الله بن الشخير قال " صليت أنا وعمران بن الحصين خلف علي بن أبي طالب Bه فكان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه من الركوع كبر فلما قضى صلاته وانصرفنا أخذ عمران بيده فقال : أذكرني هذا صلاة محمد A " فالقائلون بإيجابه تمسكوا بهذا العمل المنقول في هذه الأحاديث وقالوا : الأصل أن تكون كل أفعاله التي أتت بيانا لواجب محمولة على الوجوب كما قال A صلوا كما رأيتموني أصلي " و " خذوا عني مناسككم " وقالت الفرقة الأولى ما في هذه الآثار يدل على أن العمل عند الصحابة إنما كان على إتمام التكبير ولذلك كان أبو هريرة يقول : إني لأشبهكم صلاة بصلاة رسول الله A . وقال عمران : أذكرني هذا بصلاته صلاة محمد A . وأما من جعل التكبير كله نفلا فضعيف ولعله قاسه على سائر الأذكار التي في الصلاة مما ليست بواجب إذ قاس تكبيرة الإحرام على سائر التكبيرات . قال أبو عمر بن عبد البر : ومما يؤيد مذهب الجمهور ما رواه شعبة بن الحجاج عن الحسن بن عمران عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال : صليت مع النبي A فلم يتم التكبير وصليت مع عمر بن عبد العزيز فلم يتم التكبير . وما رواه أحمد بن حنبل عن عمر Bه أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده وكأن هؤلاء رأوا أن التكبير إنما هو لمكان إشعار الإمام للمأمومين بقيامه وقعوده ويشبه أن يكون إلى هذا ذهب من رآه نفلا