- ( المسألة الثانية ) اختلف العلماء القائلون بالقسامة فيما يجب بها فقال مالك وأحمد يستحق بها الدم في العمد والدية في الخطأ وقال الشافعي والثوري وجماعة : تستحق بها الدية فقط وقال بعض الكوفيين : لا يستحق بها إلا دفع الدعوى على الأصل في أن اليمين إنما تجب على المدعى عليه وقال بعضهم : بل يحلف المدعى عليه ويغرم الدية فعلى هذا إنما يستحق منها دفع القود فقط فيكون فيها يستحق المقسمون أربعة أقوال . فعمدة مالك ومن قال بقوله ما رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سهل بن أبي حثمة وفيه فقال لهم رسول الله A " تحلفون وتستحقون دم صاحبكم " وكذلك ما رواه من مرسل بشير بن بشار وفيه : فقال رسول الله A " أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم " . وأما عمدة من أوجب بها الدية فقط فهو أن الأيمان يوجد لها تأثير في استحقاق الأموال أعني في الشرع مثل ما ثبت من الحكم في الأموال باليمين والشاهد ومثل ما يجب المال بنكول المدعى عليه أو بالنكول وقلبها على المدعي عند من يقول بقلب اليمين مع النكول مع أن حديث مالك عن ابن أبي ليلى ضعيف لأنه رجل مجهول لم يروا عنه غير مالك . وقيل فيه أيضا أنه لم يسمع من سهل . وحديث بشير ابن بشار قد اختلف في إسناده فأرسله مالك وأسنده غيره . قال القاضي : يشبه أن تكون هذه العلة هي السبب في أن لم يخرج البخاري هذيين الحديثين واعتضد عندهم القياس في ذلك بما روي عن عمر Bه أنه قال : لا قود بالقسامة ولكن يستحق بها الدية . وأما الذين قالوا إنما يستحق بها دفع الدعوى فقط فعمدتهم أن الأصل هو أن الأيمان على المدعى عليه والأحاديث التي نذكرها فيما بعد إن شاء الله