قوله تعالى { لا تحلوا شعائر الله } أخرج ابن جرير عن عكرمة قال : قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له يحمل طعاما فباعه ثم دخل على النبي A فبايعه وأسلم فلما ولى خارجا نظر إليه فقال لمن عنده : [ لقد دخل علي بوجه فاجر وولي بقفا غادر ] فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام وخرج في عير له يحمل الطعام في ذي قعدة يريد مكة فلما سمع به أصحاب رسول الله A تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوا في عيره فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله } فانتهي القوم وأخرج عن السدي نحوه .
قوله تعالى : { ولا يجرمنكم } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن زبد ابن أسلم قال : كان رسول الله A بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة فقال أصحاب رسول الله A : نصد هؤلاء كما صدوا أصحابنا فأنزل الله { ولا يجرمنكم } الآية .
قوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة } الآية أخرج ابن منده في كتاب الصحابة من طريق عبد الله بن جبلة بن حبان بي حجر عن أبيه عن جده حبان فقال : كنا مع رسول الله A وأنا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة فأنزل تحريم الميتة فأكفأت القدر .
قوله تعالى : { يسألونك ماذا أحل لهم } الآية روى الطبراني عن الحكم و البيهقي وغيرهم عن أبي رافع [ قال : جاء جبريل إلى النبي A فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فأحذ رداءه فخرج إليه وهو قائم بالباب فقال : قد أذنا لك قال : أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو فأمر أبا رافع لا تدع كلبا بالمدينة إلا قتلته فأتاه ناس فقالوا : يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الآمة التي أمرت بقتلها ] فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم } الآية وروى ابن جرير عن عكرمة أن رسول الله A بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي فدخل عاصم بن عدي وسعد بن جثمة : وعويمر بن ساعدة فقالوا : ماذا أحل لنا يا رسول الله ؟ فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم } ا لآية .
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي قال : لما أمر النبي A بقتل الكلاب قالوا : يا رسول الله ماذا يحا لنا من هذه الأمة فنزلت .
وأخرج من طريق الشعبي أن عدي بن حاتم الطائي قال : أتى رجل رسول الله A يسأله عن صيد الكلاب فلم يدر ما يقول له حتى نزلت هذه الآية { تعلمونهن مما علمكم الله } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين سألا رسول الله A فقالا : يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة وأن كلاب آل ذريح تصيد البقر والخمير والظباء وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } الآية روى البخاري من طريق عمرو بن حرث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ الرسول A نزل فثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال حبست الناس في قلادة ثم أن النبي A استيقظ وحضرت الصبح فالتمسي الماء فلم يجد فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } - إلى قوله - { لعلكم تشكرون } فقال سيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم آل أبي بكر وروى الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قال : لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا أخرجت مع رسول الله A في غزوة أخرى فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه فقال لي أبو بكر : بنية في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس فأنزل الله الرخصة في التيمم فقال أبو بكر إنك لمباركة .
تنبيهان : ( الأول ) ساق البخاري هذا الحديث من رواية عمرو بن الحرث وفيه التصريح بأن آية التيمم المذكورة في رواية غيره هي آية المائدة وأكثر الرواة قالوا : فنزلت آية التيمم ولم يبينوها وقال عبد الله أبن عبد البر : هذه معضلة ما وجدت لدائها دواء لأنا لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة وقد قال ابن يطال : هي آية النساء ووجهة بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء وآية النساء لا ذكر للوضوء بها فيتجه تخصيصها بأية التيمم وأورد الواحدي هذا الحديث في أسباب النزول عند ذكر آية النساء أيضا ولا شك أن الذي مال أليه البخاري من أنها آية المائدة هو الصواب بها في الطريق المذكور .
( الثاني ) دل الحديث على أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول الآية ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع قال ابن عبد البر : معلوم عند جميع أهل المغازي أنه A ولم يصل منذ فرضت عليه الصلاة إلا في وضوء ولا يدفع ذلك إلا جاحد أو معاند قال : والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلو بالتنزيل وقال غيره : يحتمل أن تكون أول الآية نزل مقدما مع فرض الوضوء ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم في هذه القصة قلت : الأول أصوب فان الوضوء كان مع فرض الصلاة بمكة والآية مدنية .
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله } الآية وأخرج ابن جرير عن عكرمة ويزيد بن أبي الفداء واللفظ له : أن النبي A خرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على كعب بن الأشرف ويهود بني النضير ستعينهم في عقل أصابه فقالوا : نعم اجلس حتى نطعمك ونعطيك .
الذي تسألنا فجلس فقال حيي ين أخطب لأصحابه : ولا ترون شرا أبدا فجاءوا إلى رحى عظيمة ليطرحوها عليه فأمسك الله عنهم أيديهم حتى جاءه جبريل فأقامه من ثمت فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم } الآية وأخرج نحوه عن عبد الله بن أبي بكر و عاصم بن عمير بن قتادة و مجاهد و عبد الله ابن كثير و أبى مالك .
وأخرج عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت إلى رسول الله A وهو ببطن نخل في الغزوة السابعة فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا بالنبي A فأرسلوا إليه الأعرابي - يعني الذي جاءه وهو نائم في بعض المنازل - فأحذ سلاحه وقال : من يحول بيني وبينك فقال : الله فشام السيف ولم يعاقبه .
وأخرج أبي نعيم في دلائل النبوة من طريق الحسن عن جابر بن عبد الله [ أن رجلا من محارب يقال له غورث قال لقومه : أقتل لكم محمدا فأقبل إلى رسول الله A وهو جالس وسيفه في حجره فقال : يا محمد انظر إلى سيفك هذا ؟ قال : نعم فأخذه وجعل يهزه ويهم به فيكبته الله تعالى فقال : يا محمد أما تخافني ؟ قال لا : أما تخافني والسيف في يدي ؟ قال لا يمنعني الله منك ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله ] فأنزل الله الآية .
قوله تعالى : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة [ قال : إن نبي الله A أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال : أيكم اعلم ؟ فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور والمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل فقال : أنه لما كثر فينا جلدنا مائة وحلقنا الرءوس فحكم عليهم بالرجم ] فأنزل الله { يا أهل الكتاب } - إلى قوله - { صراط مستقيم } .
قوله تعالى : { وقالت اليهود } الآيات روى ابن أسحق عن ابن عباس قال : أتى رسول الله A نعمان بن قصي وبحر بن عمر وشاش ابن عدي فكلموه وكلمهم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله فيهم { وقالت اليهود والنصارى } الآية .
وروي عنه قال : دعا رسول الله A يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه فأبوا عليه فقال لهم معاذ بن حبل وسعد بن عبادة : يا معشر يهود اتقوا الله فوا لله إنكم لتعلمون أنه رسول الله لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم } .
قوله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون } الآية وأخرج ابن جرير عن يزيد ابن أبي حبيب : أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } فكتب أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في العرنيين ارتدوا عن الإسلام وقتلوا الراعي واستاقوا الإبل الحديث ثم أخرج عن جرير مثله وأخرج عبد الرزاق نحوه عن أبي هريرة .
قوله تعالى : { السارق والسارقة } الآية ( ك ) روى أحمد و غيره عن عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله A فقطعت يدها اليمنى فقالت : هل لي من توبة يا رسول الله ؟ فأنزل الله في سورة المائدة { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح } الآية .
قوله تعالى : { يا أيها الرسول } الآية ( ك ) روى أحمد و أبو داود عن ابن عباس قال : أنزل الله في طائفتين من اليهود قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا فاصطلحوا على أن كل قتيل قتلته الذليلة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله A فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق فقالت الذليلة وهل كان ذلك في حيين قط دينهما واحد ونسبتهما واحدة وبلدهما واحد دية بعضهم نصف دية يعض وآنا أعطيناكم هذا ضيما منكم وخوفا وفيقا فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم فكادت الحرب تهيج بينهما ثم ارتضوا على أن جعلوا رسول الله A بينهما فأرسلوا إليه أناسا من المنافقين ليختبروا رأيه فأنزل الله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } الآية .
وروى أحمد و مسلم وغيرهما عن البراء ين عازب [ قال : مر على النبي A بيهودي محمم مجلود فدعاهم فقال : هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك الذي أنزل التوراة على موسى هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقال : لا والله ولولا أنك نشدتني لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا زني الشريف تركناه وإذا زني الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا حتى نجعل شيئا نقمة على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحمم والجلد فقال النبي A : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر به فرجم ] فأنزل الله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } - إلى قوله تعالى - { إن أوتيتم هذا فخذوه } يقولون ائتوا محمدا فأن أفتاكم بالتحمم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا إلى قوله تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } .
0 - ( ك ) وأخرج الحميدي في مسنده عن جابر بن عبد الله قال : زنى رجل من أهل فدك فكتب أهل فدك إلى ناس بالمدينة أن اسألوا محمد عن ذلك فان أمر بالجلد فخذوه عنه وإن أمركم بالرجم فلا تأخذه عنه فسألوه عن ذلك فذكر نحو ما تقدم فأمر به فرجم فنزلت { فإن جاؤوك فاحكم بينهم } الآية وأخرج البيهقي في الدلائل من حديث أبي هريرة نحوه .
قوله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } روى ابن إسحق عن ابن عباس قال : قال كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذهبوا بنا إلى محمد لعلن نفتنه عن دينه فجاءوا فقالوا : يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم وأنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا وأن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك فأبى ذلك وأنزل الله فيهم { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } - إلى قوله - { لقوم يوقنون } .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا } الآية أخرج ابن اسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و البهيقي عن عبادة بن الصامت قال : لما حاربت بنو قينقاع تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي بن سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله A وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وكان أحد بني عوف بن الخزرج وله من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي فحالفهم إلى رسول الله A وتبرأ من حلف الكفار وولايتهم قال ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت القصة في المائدة - { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } الآية .
قوله تعالى : { إنما وليكم الله } الآية أخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه مجاهيل عن عمار بن ياسر قال وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فنزلت { إنما وليكم الله ورسوله } الآية وله شاهد قال عبد الرازق : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس { إنما وليكم الله ورسوله } الآية قال نزلت في علي بن أبي طالب وروى ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مثله وأخرج أيضا عن علي مثله وأخرج ابن جرير عن مجاهد و ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل مثله فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم } الآية روى أبو الشيخ و ابن حبان عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زبد بن التابوت وسويد بن الحرث قد أظهرا الإسلام ونافقا وكان رجل من المسلمين يوادهما فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم } إلى قوله { بما كانوا يكتمون } وبه قال : أتى النبي A نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وغازي بن عمر فسألوه عمن يؤمن به من الرسل قال : { آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } الآية فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بعيسى ولا بمن آمن به فأنزل الله فيهم { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا } الآية ( ك ) .
قوله تعالى : { وقالت اليهود } الآية أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس : إن ربك بخيل لا ينفق فأنزل الله { وقالت اليهود يد الله مغلولة } الآية وأخرج أبو الشيخ من وجه آخر عنه قال : نزلت { وقالت اليهود يد الله مغلولة } في فنحاص رأس يهود قينوقاع .
قوله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ } الآية أخرج أبو الشيخ عن الحسن [ أن رسول الله A قال : إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا وعرفت أن الناس مكذبي فوعدني لأبلغن أو ليعذبني ] فأنزلت { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لمل نزلت { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } قال : يا رب كيف أصنع وأنا وحدي يجتمعون علي فنزلت { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } .
وأخرج الحاكم و الترمذي عن عائشة قالت : كان النبي A يحرس حتى نزلت هذه الآية { والله يعصمك من الناس } فأخرج رأسه من القبة فقال : يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله في هذا الحديث دليل على أنها - أي الآية - ليلية نزلت ليلا - فراشية - والرسول في فراشه .
وأخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : كان العباس عم الرسول A فيمن يحرسه فلما نزلت { والله يعصمك من الناس } ترك الحرس .
( ك ) وأخرج أيضا عن عصمة بن مالك الخطمي قال : كنا نحرس رسول الله A بالليل حتى نزلت { والله يعصمك من الناس } فترك الحرس .
( ك ) وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة [ قال : كنا إذا أصبحنا ورسول الله A في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل تحتها فنزلت ذات يوم تحت الشجرة وعلق سيفه فيها فجاء رجل فأخذه وقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ فقال رسول الله A : الله يمنعني منك ضع السيف فوضعه ] فنزلت { والله يعصمك من الناس } .
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن جابر بن عبد الله [ قال : لما غزا رسول الله A بني أنمار نزل ذات الرقيع بأعلى نخل فبينا هو جالس على رأس بئر قد أدلى رجليه فقال الوارث من بني النجار : لأ قتلن محمدا فقال له أصحابه : كيف تقتله ؟ قال : أقول له أعطني سيفك فإذا أعطانيه قتلته فأتاه فقال له : يا محمد أعطني سيفك أشمه فأعطاه إياه فرعدت يده فقال رسول الله A : أحال الله بيني وبينك ما تريد ] فأنزل الله { يا أيها الرسول بلغ } الآية .
( ك ) ومن غريب ما ورد في سبب نزولها ما أخرجه ابن مردويه و الطبراني عن ابن عباس [ قال : كان النبي A يحرس وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت هذه الآية { والله يعصمك من الناس } فأراد أن يرسل معه من يحرسه فقال : يا عم إن الله عصمني من الجن والأنس ] وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله نحوه وهذا يقتضي أن الآية مكية والظاهر خلافه .
( ك ) قوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب } الآية روى ابن جرير و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال [ جاء رافع وسلام بن مشكم ومالك بن الصيف فقالوا : يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا ؟ قال : بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم بما فيها وكتمتم ما أمرتم أن تبينوه للناس قالوا : فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى والحق ] فأنزل الله { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء } الآية .
قوله تعالى : { ولتجدن أقربهم مودة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن و عروة بن الزبير قالوا : بعث رسول الله A عمرو بن أمية الضمري وكتب معه كتابا إلى النجاشي فقدم على النجاشي فقرأ كتاب رسول الله A ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه وأرسل إلى الرهبان والقسيسين ثم أمر جعفر بن أبي طالب فقرأ عليهم سورة مريم فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع فهم الذين أنزل الله فيهم { ولتجدن أقربهم مودة } إلى قوله { فاكتبنا مع الشاهدين } .
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بعث النجاشي ثلاثين رجلا من خيار أصحابه إلى رسول الله A فقرأ عليهم سورة يس فبكوا فنزلت فيهم الآية .
وأخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع } وروى الطبراني عن ابن عباس نحوه أبسط منه .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا } الآية روى الترمذي وغيره عن ابن عباس : أن رجلا أتى النبي A فقال : يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي فحرمت علي اللحم فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } الآية .
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس : أن رجالا من الصحابة : منهم عثمان بن مظغون حرموا النساء واللحم على أنفسهم وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم لكر تنقطع الشهوة عندهم ويتفرغوا للعبادة فنزلت .
وأخرج نحوه ذلك مرسل عكرمة وأبي قلابة و مجاهد و النخعي والسدي وغيرهم وفي رواية السدي أنهم كانوا عشرة : منهم ابن مظغون وعلي ين أبي طالب وفي رواية عكرمة : منهم ابن مظغون وعلي وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالم مولى أبي حذيفة وفي رواية مجاهد منهم ابن مطغون وعبد الله بن عمر .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق السدي الصغير عن الكلبي و أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رهط من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعثمان بن مظغون والمقداد بن الأسود وسالم مولى أبي حذيفة توافقوا أن يجبوا أنفسهم ويعتزلوا النساء ولا يأكلون من الطعام إلا قوتا وأن يسيحوا في الأرض كهيئة الرهبان فنزلت وروى ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أن عبد الله بن رواحة أضافه ضيف من أهله انتظارا له فقال لامرأته : حبست ضيفي من أجلي هو حرام علي فقالت امرأته : هو علي حرام فقال الضيف : هو علي حرام فلما رأى ذلك وضع يده وقال : كلوا بسم الله ثم ذهب للنبي A فذكر الذي كان منهم ثم أنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } .
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر } الآية روى أحمد عن أبي هريرة قال : قدم رسول الله A المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر رسول الله A فسألوا رسول الله A عنهما فأنزل الله { يسألونك عن الخمر والميسر } الآية فقال الناس : ما حرم علينا إنما قال إثم كبير وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوم من الأيام صلى الرجل من المهاجرين أم أصحابه في المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله أغلظ منها { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } - إلى قوله - { فهل أنتم منتهون } قالوا انتهينا ربنا فقال الناس : يا رسول الله قتلوا في سبيل الله وماتوا على فراشهم وكانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان فأنزل الله { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } إلى آخر الآية وروى النسائي و البيهقي عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم في بعض فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر في وجهه ورأسه ولحيته فيقول : صنع بي هذا أخي فلان وكانوا أخوة ليس في قلوبهم ضغائن فيقول : والله لو كان بي رءوفا رحيما ما صنع بي هذا حتى وقعت الضغائن في قلوبهم فأنزل الله هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } الآية فقال ناس من المتكلفين : هي رجس وهي في بطن فلان وقد قتل يوم أحد فأنزل الله { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية .
قوله تعالى : { قل لا يستوي } الآية أخرج الواحدي و الأصبهاني في الترغيب عن جابر : [ أن النبي A ذكر تحريم الخمر فقام أعرابي فقال : إني رجلا كانت هذه تجارتي فاعتقبت منها مالا فهل ينفع ذلك المال بطاعة الله ؟ فقال النبي A إن الله لا يقبل إلا طيبا ] فأنزل الله تصديقا لرسول الله صلي الله عليه وسلم { قل لا يستوي الخبيث والطيب } الآية .
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا } الآية ( ك ) روى البخاري عن أنس بن مالك قال : خطب رسول الله A خطبة فقال رجل من أبي ؟ قال : فلان فنزلت هذه الآية فنزلت هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء } الآية وروى أيضا عن ابن عباس قال : كان قوم يسألون رسول الله A استهزاء فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء } حتى تفرغ من الآية كلها .
وأخرج ابن جرير مثله من حديث أبي هريرة وروى أحمد و الترمذي و الحاكم عن علي [ قال : لما نزلت { ولله على الناس حج البيت } قالوا يا رسول الله في كل عام ؟ فسكت رسول الله قالوا : يا رسول الله في كل عام ؟ قال لا ولو قلت نعم لوجبت ] فأنزل الله { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } .
وأخرج ابن جرير مثله من حديث أبي هريرة و أبي أمامة ا وابن عباس قال الحافظ ابن حجر : لامانع أن تكون نزلت في الأمرين وحديث ابن عباس في ذلك أصح إسنادا .
قوله تعالي : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } الآية روى الترمذي وضعفه وغيره عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } قال : برئ الناس منها غيري وغير عداء بن بداء وكانا نصرا نين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم بقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره فلما أسلمت تأثمت من ذلك فأتيت أهله فخبرتهم الخير ودفعت إليهم خمسمائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا رسول الله A فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه فحلف فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } إلى قوله { أن ترد أيمان بعد أيمانهم } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمسمائة درهم من عدي بن بداء .
( تنبيه ) جزم الذهبي بأن تميما النازل فيه غير تميم الداري وعزاه لمقاتل ابن حبان قال الحافظ ابن حجر : وليس بجيد للتصريح في هذا الحديث بأنه لداري