( ك ) قوله تعالى { قاتلوهم يعذبهم الله } الآية أخرج أبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر في مكة وأخرج عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في خزاعة وأخرج عن السدي { يشف صدور قوم مؤمنين } قال هم خزاعة حلفاء النبي A يشف صدور بني كعب .
قوله تعالى { ما كان للمشركين } الآيات أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس قال : قال العباس حين أسر يوم يدر : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحجاج ـ ونفك العاني فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية .
وأخرج مسلم و ابن حيان و أبو داود عن النعمان بن البشير قال : كنت عند منبر رسول الله A في نفر من أصحابه فقال رحل منهم : ما أبالي أن لا أعمل للله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر بل عمارة المسجد الحرام قال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر الرسول A وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله A فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } إلى قوله { لا يهدي القوم الظالمين } .
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال لما قدم علي بن أبي طالب مكة فقال للعباس : أي عم ألا تهاجر ؟ ألا تلحق في رسول الله A : فقال : اعمر المسجد و أحجب البيت فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية وقال لقوم سماهم : ألا تهاجروا إلا تلحقوا في رسول الله A فقالوا : نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا فأنزل الله { قل إن كان آباؤكم } الآية كلها وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي نحوه .
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : افتخر طلحة بن سيبة والعباس وعلي بن أبي طالب فقال طلحة أنا صاحب البيت معي مفتاحه وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها فقال علي : لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية .
قوله تعالى : { ويوم حنين } الآية اخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع ابن أنس أن رجلا قال يوم حنين : لن نغلب من قلة وكانوا اثني عشر ألفا فشق ذلك على النبي A فأنزل الله { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم } الآية .
( ك ) قوله تعالى : { وإن خفتم عيلة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معم بالطعام يتجرون فيه فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون : من أين لنا الطعام ؟ فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } .
وأخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } شق ذلك على المسلمين وقالوا : من يأتنا بالطعام وبالمتاع فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } وأخرج مثله عن عكرمة وعطية العوفي والضحاك وقتادة وغيرهم .
( ك ) قوله تعالى { وقالت اليهود } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتي رسول الله A سلام بن مشكم ونعمان ابن أوفي ومحمد بن دحية وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيزا ابن الله فأنزل الله في ذلك { وقالت اليهود } الآية .
( ك ) قوله تعالى : { إنما النسيء } الآية أخرج ابن جرير عن أبي مالك قال : كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا فيجعلون المحرم صفرا فيسجلون فيه المحرمات فأنزل الله { إنما النسيء زيادة في الكفر } .
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم } الآية وأخرج ابن جرير عن مجاهد في هذه الآية قال : هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وحين أمرهم بالنفير في الصيف حين طابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم الخروج فأنزل الله { انفروا خفافا وثقالا } .
( ك ) قوله تعالى : { إلا تنفروا } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن نجدة بن نفيع قال : سألت ابن عباس عذ هذه الآية فقال : استنفر رسول الله A أحياء العرب فتثاقلوا عنه فأنزل الله { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } فامسك عنهم المطر فكان عذابهم .
قوله تعالى : { انفروا خفافا وثقالا } الآية أخرج ابن جرير عن الحضرمي أنه ذكر له أناسا كانوا عسى أن يكوم أحدهم عليلا أو كبيرا فيقول إني آثم فأنزل الله { انفروا خفافا وثقالا } .
قوله تعالى : { عفا الله عنك } الآية أخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون الأزدي قال : اثنتان فعلهما رسول الله A لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين وأخذ الفداء عن الأسارير فأنزل لله { عفا الله عنك لم أذنت لهم } .
قوله تعالى : { ومنهم من يقول ائذن لي } الآية أخرج الطبراني و أبو نعيم و ابن مردوية عن ابن عباس [ قال : لما أراد النبي A أن يخرج إلى غزوة تبوك قال للجد بن قيس : يا جد بن قيس مال تقول في مجاهدة بني الأصفر فقال : يا رسول الله إني امرؤ صاحب نساء ومتي أري مساء بني الأصفر أفتن فأذن لي ولا تفتني ] فأنزل الله { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } الآية وأخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي A قال : اغزوا تغنموا بنات بني الأصفر : فقال ناس من المنافقين : إنه ليفتنكم بالنساء فأنزل الله { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } .
قوله تعالى : { إن تصبهم حسنة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن جابر ابن عبد الله قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة يخبرون عن النبي صلى اله عليه وسلم أخبار السوء يقولون إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي A وأصحابه فساءهم ذلك فأنزل الله { إن تصبك حسنة تسؤهم } الآية .
قوله تعالى : { قل أنفقوا } الآية أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قال الجدي بن قيس : إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتن ولكن أعينك بمالي قال ففيه نزلت { أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم } قال بقوله أعينك بمالي .
قوله تعالى : { ومنهم من يلمزك } الآية روى البخاري عن أبي سعيد الخدري [ قال : بينما رسول الله A يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة فقال : اعدل فقال ويلك من يعدل إذا لم اعدل ؟ ] فنزلت { ومنهم من يلمزك في الصدقات } الآية و أخرج ابن أبي حاتم عن جابر نحوه .
قوله تعالى : { ومنهم الذين يؤذون النبي } الآية اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان نبتل بن الحرث يأتي رسول الله A فيجلس إليه ويسمع منه وينقل حديثه إلى المنافقين فأنزل الله { ومنهم الذين يؤذون النبي } الآية .
قوله تعالى : { ولئن سألتهم } الآيات وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما : ما رأينا مثل قرآن هؤلاء ولا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء منهم فقال له رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله A فبلغ ذلك رسول الله A ونزل القرآن قال ابن عمر : فأنا رايته متعلقا بحقب رسول الله A والحجارة تنكيه وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله يقول : أبلله وآياته ورسوله تستهزئون ثم أخرج عن كعب بن مالك قال مخشي بن حمير : لوددت أني أقاضي على أن تضرب كل رجل منكم مائة مائة على أن ننجو من أن ينزل فينا القرآن فبلغ النبي A فجاءوا يعتذرون فأنزل الله { لا تعتذروا } الآية فكان الذي عفا الله عنه مخشي ابن حمير فتسمى عبد الرحمن وسال الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمقتله فقتل يوم اليمامة لا يعلم مقتله ولا من قتله .
واخرج ابن جرير عن قتادة : أن ناسا من المنافقين قالوا في غزوة تبوك ك يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات فأطلع الله نبيه A على ذلك فأتاهم فقال : قلتم كذا كذا قالوا : إنما كنا نخوض وملعب فنزلت .
قوله تعالى : { يحلفون بالله ما قالوا } الآية ( ك ) أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الخلاس بن سويد بن الصامت ممن تخلف عن رسول الله A في غزوة تبوك وقال : لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فرفع عمير بن سعيد ذلك إلى رسول الله A فحلف الله ما قلت فأنزل الله { يحلفون بالله ما قالوا } الآية فزعموا أنه تاب وحسنت توبته ( ك ) ثم أخرج عن كعب بن مالك نحوه وأخرج ابن سعد في الطبقات نحوه عن عروة .
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : سمع زيد بن أرقم رجلا من المنافقين يقول والنبي A يخطب : إن كان هذا صدقا لنحن شر من الحمير فرفع ذلك إلى النبي A فجحد القائل فأنزل الله { يحلفون بالله ما قالوا } الآية .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس : [ كان الرسول A جالسا في ظل شجرة فقال : إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان فطلع رجل أزرق فدعاه الرسول A فقال : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم ] فأنزل الله تعالى { يحلفون بالله ما قالوا } الآية .
وأخرج عن قتادة قال إن رجلين اقتتلا : أحدهما من جهينة والآخر من غفار وكانت جهينة حلفاء الأنصار وظهر الغفري على الجهني فقال عبد الله بن أبي للاوس : انصروا أخاكم فوا لله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأ كلك لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسعى رجل من المسلمين إلى رسول الله A فأرسل إليه فسأله فجعل يحلف باله ما قال فأنزل الله تعالى { يحلفون بالله ما قالوا } الآية .
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : هم رجل يقال له الأسود بقتل النبي A فنزلت { وهموا بما لم ينالوا } .
وأخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن عكرمة أن مولى بني عدي بن كعب قتل رجلا من الأنصار فقضى النبي A بالدية اثني عشر ألفا وفيه نزلت { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } .
قوله تعالى { ومنهم من عاهد الله } الآية أخرج الطبراني و ابن مردويه و ابن أبي حاتم و البيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن أبي أمامة : [ أن ثعلبة ابن حاطب قال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا قال : ويحك يا ثعلبة قليل يؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه قال : والله لئن آتاني الله مالا لأوتين كل ذي حق حقه فدعا له فاتخذ غنما فنمت حتى ضاقت عليه أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلاة ثم يخرج أليها ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة فتنحى بها فكان يشهد الجمعة ثم يخرج إليها ثم نمت فتنحى بها فترك الجمعة والجماعة ثم أنزل الله على رسوله { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فاستعمل على الصداقات رجلين وكتب لهما كتابا فأتيا ثعلبة فأقرأه رسول الله A فقال : انطلقا إلى الناس فإذا فرغتم فمروا بي ففعلا فقال ما هذا إلا أخت الجزية فانطلقا فأنزل الله { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } - إلى قوله - { يكذبون } ] الحديث وأخرج ابن جرير و ابن مردويه عن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه .
قوله تعالى { الذين يلمزون المطوعين } روى الشيخان عن أبي مسعود قال : لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا : مراء وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا : إن الله لغني عن صدقة هذا فنزل { الذين يلمزون المطوعين } الآية وورد نحو هذا من حديث أبي هريرة وأبي عقيل وأبي سعيد الخدري و ابن عباس وعميرة بنت سهيل بن رافع أخرجها كلها ابن مردويه .
( ك ) قوله تعالى { فرح المخلفون } الآية وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أمر رسول الله A الناس أن يبعثوا معه وذلك في الصيف فقال رجال : يا رسول الله الحر شديد ولا نستطيع الخروج فلا تنفر في الحر فأنزل الله : { قل نار جهنم أشد حرا } الآية .
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي قال : خرج رسول الله A في حر شديد إلى تبوك فقال رجل من بني سلمة : لا تنفروا في الحر فأنزل الله { قل نار جهنم أشد حرا } الآية .
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق ابن أسحق عن عاصم بن عمرو ابن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : قال رجل من المنافقين : لا تنفروا في الحر فنزلت .
قوله تعالى : { ولا تصل على أحد منهم } الآية روى الشيخان عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله A فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه فقام ليصلي عليه فقام عمر بن الخطاب فأحذ بثوبه وقال : يا رسول الله أتصلي وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين ؟ قال : إنما خيرني الله فقال : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة } و سأزيده على السبعين فقال : إنه منافق فصلي عليه فأنزل الله { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } فترك الصلاة عليهم وورد ذلك من حديث عمر وأمس وجابر وغيرهم .
( ك ) قوله تعالى : { ليس على الضعفاء } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله A فكنت أكتب براءة فآني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال فجعل رسول الله A ينظر ما ينزل عليه إذ جاءه أعمى بالقتال : كيف بي يا رسول وأنا أعمي ؟ فنزلت { ليس على الضعفاء } الآية .
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال : أمر رسول الله A الناس أن يبعثوا غازين معه فجاءت عصابة من أصحابه : فيهم عبد الله بن معقل المزني فقال يا رسول الله احملنا ؟ فقال : والله لا أجد ما أحملكم عليه فولوا ولهم بكاء معز عليهم أن يحبسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملا فأنزل الله D { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } الآية وقد ذكرت أسماءهم في المبهمات .
قوله تعالى : { ومن الأعراب من يؤمن بالله } الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد : أنها نزلت في بني مقرن الذين نزلت فبهم { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } .
وأخرج عبد الرحمن بن معقل المزني قال : كنا عشرة ولد مقرن فنزلت فينا هذه الآية .
قوله تعالى : { وآخرون اعترفوا } الآية أخرج ابن مردويه و ابن أبي حاتم من طريق العوفي أبو لبابة وخمسة معه ثم أن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا وأيقنوا بالهلاك وقالوا : نحن في الظلال والطمأنينة مع النساء ورسول الله A والمؤمنين معه في الجهاد الله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله A وهو الذي يطلقها ففعلوا وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم فرجع رسول الله A من غزوته فقال : من هؤلاء الموثقون بالسواري ؟ فقال رجل : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم فقال : لا أطلقهم حتى أو مر بإطلاقهم فأنزل الله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } الآية فلما نزلت أطلقهم وعذرهم وبقي الثلاثة الذين لم يوثقوا أنفسهم لم يذكروا بشيء وهم الذين قال الله فيهم { وآخرون مرجون لأمر الله } فجعل أناس يقولون : هلكوا إذ لم ينزل عذرهم وآخرون يقولون عسى الله أن يتوب عليهم حتى نزلت { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } .
وأخرج ابن جرير من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس نحوه وزاد فجاء أبو لبابة بأموالهم فتصدق بها عنا وأستغفر لنا فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله { خذ من أموالهم صدقة } الآية وأخرج هذا القدر وحده عن سعيد ابن حبير و الضحاك وزيد بن اسلم وغيرهم .
واخرج عن قتادة أنها نزلت في سبعة : أربعة منهم رابطوا أنفسهم في السواري وهم أبو لبابة ومرداس وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة وأخرج أبو الشيخ و ابن مندة في الصحابة من طريق الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : كان ممن تخلف عن رسول الله A في تبوك ستة : أبو لبابة وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة وكعب بن مالك ومرارة بن ربيع وهلال بن أمية وجاءوا في أموالهم فقالوا : يا رسول الله خذ هذا الذي حبسنا عنك فقال : لا أحملهم حتى يكون قتال فنزل القرآن { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } الآية إسناد قوي .
واخرج ابن مردويه يسند فيه الواقدي عن أم سلمة قالت : إن توبة أبي لبابة نزلت في بيتي فسمعت رسول الله A يضحك في السحر فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : تيب علي أبي لبابة فقلت : أوذنه بذلك ؟ فقال : ما شئت فقمت على الحجرة وذلك قبل أن يضرب الحجاب فقلت : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك فثار الناس ليطلقوه فقال : حتى يأتي رسول الله A فيكون هو الذي يطلقني فلما خرج إلى الصبح أطلقه فنزلت { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } .
قوله تعالى : { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا } الآية أخرج ابن مردويه عن طريق ابن أسحق قال : ذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري : [ أنه سمع أبا رهم وكان ممن بايع تحت الشجرة يقول : أتي من بني مسجد ضرار رسول الله A وهو متجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله أنا بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة الشاتية والليلة المطيرة وأنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه قال : إني على جناح سفر ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه فلما رجع نزل بذي أوان على ساعة من المدينة فأنزل الله في المسجد { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا } إلى آخر القصة فدعا مالك بن الدخشن ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدمه وأحرقاه ففعل ] .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس [ قال : لما بني رسول الله A مسجد قباء خرج رجال من الأنصار منهم يخدج فبنوا مسجد النفاق فقال رسول الله A ما أردت إلا الحسنى ] فانزل الله الآية .
وأخرج ابن مردويه من طريق بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أن أناسا من الأنصار ابتنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر : ابتنوا مسجدكم واستمدوا بما استطعتم من قوة وسلاح فأنى ذاهب إلى قيصر ملك فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي A فقالوا له : لقد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه فأنزل الله { لا تقم فيه أبدا } .
وأخرج الواحدي عم سعد بن أبي وقاص قال : إن المنافقين عرضوا بمسجد قباء لأبي عامر الراهب إذا قدم ليكون إمامهم فيه فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله A فقلوا : أنا قد بنينا مسجدا فصل فيه فنزلت { لا تقم فيه أبدا } .
واخرج الترمذي عن أبي هريرة قال : نزلت في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } قال : كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم .
( ك ) وأخرج عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق الوليد بن أبي سندر الأسلمي عن يحيي بن سهل الأنصاري عن أبيه : أن هذه الآية نزلت في أهل قباء كاموا يغسلون أدبارهم من الغائظ { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } الآية .
( ك ) وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : أحدث قوم الوضوء في الماء من أهل قباء فنزلت فيهم { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } .
قوله تعالى : { إن الله اشترى } الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : [ قال عبد الله بن رواحة لرسول الله A اشترط لربك ولنفسك ما شئت ؟ قال : اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم واموالكم قالوا : فاذا فعلنا ذلك فما لنا ؟ قال : الجنة قالوا : ربح البيع لا نقبل ولا نستقبل ] فنزلت { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم } .
قوله تعالى : { ما كان للنبي } ألاية أخرج الشيخان من طريق سعيد بن نسيب عن أبيه [ قال : لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله A وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال : أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل و عبد الله : يا ابا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فقال النبي A لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ] فنزلت : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية وأنزل في أبي طالب { إنك لا تهدي من أحببت } ألاية ظاهر هذا أن الآية نزلت في مكة .
( ك ) وأخرج الترمذي و حسنة و الحاكم عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت له : أتستغفر لأبويك وهما مشركان فقال : استغفر أبراهيم أبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله A فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } .
وأخرج الحاكم و البيهقي في الدلائل وغيرهما عن ابن مسعود [ قال خرج رسول الله A يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكي فبكيت لبكائه فقال : إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي ] فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } .
وأخرج أحمد و ابن مردويه واللفظ له من حديث بريدة [ قال : كنت مع النبي A إذ وقف على عسفان فأبصر قبر أمه فتوضأ وصلى وبكي ثم قال : إني استأذنت ربي أن أستغفر لها فنهيت ] فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } .
وأخرج الطبراني و ابن مردويه نحوه من حديث ابن عباس وأن ذلك بعد أن رجع من تبوك وسافر إلى مكة ومعتمرا فهبط عند ثنية عسفان قال الحافظ بن حجر : يحتمل أن يكون لنزول الآية أسباب : متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة وقصة علي وجمع غيره بتعدد النزول .
( ك ) قوله تعالى : { لقد تاب الله على النبي } الآيات روى البخاري وغيره عن كعب بن مالك قال : لم أتخلف عن النبي A في غزوة غزاها إلا بدرا حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها وآذن الناس للرحيل فذكر الحديث بطوله وفيه فأنزل الله توبتنا { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين } - إلى قوله - { إن الله هو التواب الرحيم } قال وفينا أنزل أيضا { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } .
قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما نزلت { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } وقد كان تخلف عنه ناس في البدو يفقهون قومهم فقال المنافقون : قد بقي ناس في البوادي هلك أصحاب البوادي فنزلت { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } .
وأخرج عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان المؤمنون لحرصهم على الجهاد إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسام سرية خرجوا فيها وتركوا النبي A بالمدينة في رقة من الناس فنزلت