فتمسك عن مكروهها .
فاستخلص من عباده خالصة من خلقه فهمت عنه قوله بعقولها فاتسع لها ما خفي عن الأبصار .
فآمنت به وبما غيبته حجب غيوبه من لدن عرشه إلى منتهى علمه ثم عارضها هاجس الشك فأبته وذلك بلطف البصير وما وصفه لها وبفضله عليها .
فكان عندها ما أخبر به عما غاب مما كان ومما هو كائن كرأي العين فكانت بذلك مصدقة غير مكذبة ولا مرتابة .
ثم استخص من الخالصة الأولى خاصة ثانية من المقرين والمعترفين له بربوبيته المصدقين بقوله فعظموا قدره فأجلوه وهابوه واستحيوا منه وخافوه وحذروا نقمته وبأسه فتطهروا من كل دنس وبذلوا له المجهود من قلوبهم وأبدانهم ووصفوه بصفاته الكاملة ونزهوه من كل ما لا يليق وأفردوه في كل معنى ولم يساووه بشيء من خلقه .
فأفردوه بالمخافة والرهبة والآمال والرغبة والثقة به وحسن التوكل عليه فأعتقوا من خدمة الدنيا أبدانهم