من رغبته في فتح أبواب المعارف لينظر الى ملكوت السماء والأرض وجلال خالقها ومدبرها أكثر من رغبته في المنكوح والمأكول والملبوس وكيف لا تكون هذه الرغبة أكثر وأغلب على العارف البصير وهي مشاركة للملائكة في الفردوس الأعلى اذ لا حظ للملائكة في المطعم والمشرب والمنكح والملبس ولعل تمتع البهائم بالمطعم والمشرب والمنكح يزيد على تمتع الانسان فان كنت ترى مشاركة البهائم ولذاتهم أحق بالطلب من مساهمة الملائكة في فرحهم وسرورهم بمطالعة جمال حضرة الربوبية فما أشد غيك وجهلك وغباوتك وما أخس همتك وقيمتك على قدر همتك وأما العارف اذا انفتح له ثمانية أبواب من أبواب جنة المعارف واعتكف فيها ولم يلتفت أصلا الى جنة البله فان أكثر أهل الجنة البله وعليون لذوي الألباب كما ورد في الخبر .
وأنت أيضا أيها القاصر همتك على اللذات قبقبة وذبذبة كالبهيمة ولا تنكر أن درجات الجنان انما تنال بفنون المعارف فان كانت رياض المعارف لا تستحق في أن تسمى نفسها جنة فتستحق أن يستحق بها الجنة فتكون مفاتيح الجنة فلا تنكر في الفاتحة مفاتيح جميع أبواب الجنة