ونظروا الى أهل الورع بعين الاستخفاف والاستجهال وان شاهدوا الورع ممن لا يقدرون على الانكار عليه لغزارة علمه وكمال عقله وثقابة ذهنه حملوه على أن غرضه التلبيس والتلبس واستمالة القلوب وصرف الوجوه الى نفسه فما زادهم مشاهدة الورع من أهله الا تماديا وضلالا مع أن مشاهدة ورع أهل الدين من أعظم المؤكدات لعقائد المؤمنين وهذا كله لأن نظر عقلهم مقصور على صور الأشياء وقوالبها الخيالية ولم يمتد نظرهم الى أرواحها وحقائقها ولم يدركوا الموازنة بين عالم الشهادة وعالم الملكوت فلما لم يدركوا ذلك وتناقضت عندهم ظواهر الأسئلة ضلوا وأضلوا فلا هم أدركوا شيئا من عالم الأرواح بالذوق ادراك الخواص ولا هم آمنوا بالغيب ايمان العوام فأهلكتهم كياستهم والجهل أدنى الى الخلاص من فطانة بتراء وكياسة ناقصة ولسنا نستبعد ذلك فلقد تعثرنا في أذيال هذه الضلالات مدة لشؤم أقران السوء وصحبتهم حتى أبعدنا الله عن هفواتها ووقانا من ورطاتها فله الحمد والمنة والفضل على ما أرشد وهدى وأنعم وأسدى وعصم من ورطات الردى فليس ذلك مما يمكن أن ينال بالجهد والمنى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم