أحكام الجان .
أحكام الجان .
قل من تعرض لها وقد ألف فيها من أصحابنا القاضي بدر الدين الشبلي في كتابه آكام المرجان في أحكام الجان لكني لم أطلع عليه الآن وما نقلته عنه فإنما هو بواسطة نقل الأسيوطي C .
ولا خلاف في أنهم مكلفون مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار وإنما اختلفوا في ثواب الطائعين ففي البزازية معزيا إلى الأجناس عن الإمام : ليس للجن ثواب .
وفي التفاسير : توقف الإمام في ثواب الجن لأنه جاء في القرآن فيهم { يغفر لكم من ذنوبكم } والمغفرة لا تستلزم الإثابة لأنه ستر ومنه : المغفر للبيضة والإثابة بالوعد فضل قالت المعتزلة : أوعد ظالمهم فيستحق العقاب ويستحق الثواب صالحهم قال الله تعالى : { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } .
قلنا : الثواب فضل من الله تعالى لا بالاستحقاق فإن قيل : قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } بعد عد نعيم الجنة خطابا للثقلين يرد ما ذكرت قلنا : ذكروا أن المراد بالتوقف : التوقف في المأكل والمشرب والملاذ لا الدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام } انتهى .
فمنها النكاح قال في السراجية : لا تجوز المناكحة بين بني آدم والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس انتهى وتبعه في منية المفتي و الفيض وفي القنية سئل الحسن البصري Bه عن التزويج بجنية فقال : يجوز بلا شهود ثم رقم آخر فقال : لا يجوز ثم رقم آخر : يصفع السائل لحماقته انتهى .
وفي يتيمة الدهر في فتاوى أهل العصر : سئل علي بن أحمد عن التزويج بامرأة مسلمة من الجن هل يجوز إذا تصور ذلك أم يختص الجواز بالآدميين ؟ فقال يصفع هذا السائل لحماقته وجهله .
قلت : وهذا لا يدل على حماقة السائل ولو كان لا يتصور ألا ترى أن أبا الليث C ذكر في فتاواه أن الكفار لو تترسوا بنبي من الأنبياء هل يرمى ؟ فقال : يسأل ذلك النبي ولا يتصور ذلك بعد رسولنا صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن أجاب على تقدير التصور كذا هذا وسئل عنها أبو حامد C فقال : لا يجوز انتهى .
وقد استدل بعضهم على تحريم نكاح الجنيات بقوله تعالى في سورة النحل : .
{ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم كما قال الله تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي : من الآدميين انتهى .
وبعضهم استدل بما رواه حرب الكرماني في مسائله عن أحمد و اسحاق قال : [ حدثنا محمدبن يحيى القطيعي حدثنا بشربن عمربن لهيعة عن يونس بن يزيد عن الزهري قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح الجن ] وهو و إن كان مرسلا فقد اعتضد بأقوال العلماء فروي المنع عن الحسن البصري و قتادة و الحاكم و ابن قتيبة و إسحاق بن راهويه و عقبة بن الأصم Bهم .
فإذا تقرر المنع من نكاح الإنسي الجنية فالمنع من نكاح الجني الإنسية من باب أولى ويدل عليه قوله في السراجية : لا تجوز المناكحة وهو شامل لهما لكن روى أبو عثمان بن سعيد بن العباس الرازي في كتاب الإلهام والوسوسة فقال : حدثنا مقاتل عن سعيد بن داود الزبيدي قال : كتب قوم من أهل اليمن إلى مالك يسألونه عن نكاح الجن وقالوا : إن هنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال : ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجد أمرأة حاملا قيل لها : من زوجك قالت : من الجن فيكثر الفساد في الإسلام بذلك انتهى .
ومنها : لو وطىء الجني إنسية فهل يجب عليها الغسل ؟ قال قاضي خان في فتاواه : امرأة قالت : معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد لو جامعني زوجي لا غسل عليها انتهى وقيده الكمال بما إذا لم تنزل أما إذا أنزلت وجب كأنه احتلام .
ومنها : انعقاد الجماعة بالجن ذكره الأسيوطي عن صاحب آكام المرجان من أصحابنا مستدلا بحديث أحمد بن مسعود Bه في قصة الجن وفيه : فلما قام رسول الله A يصلي أدركه شخصان منهم فقالا : يا رسول الله إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا قال : فصفهما خلفه ثم صلى بهما ثم انصرف ونظير ذلك : ما ذكره السبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة وفرع على ذلك لو صلى في فضاء بأذان وإقامة منفردا ثم حلف انه صلى الجماعة لم يحنث .
ومنها : صحة الصلاة خلف الجني : ذكره في آكام المرجان .
ومنها : إذا مر الجني بين يدي المصلي يقاتل كما يقاتل الإنسي .
ومنها : لا يجوز قتل الجني بغير حق كالإنسي قال الزيلعي : قالوا : ينبغي ألا تقتل الحية البيضاء التي تمشي مستوية لأنها من الجان لقوله عليه السلام [ اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر وإياكم والحية البيضاء فإنها من الجن ] وقال الطحاوي : لا بأس بقتل الكل لأنه صلى الله عليه و سلم عاهد الجن أن لا يدخلوا بيوت أمته ولا يظهروا أنفسهم فإذا خالفوا فقد نقضوا عهدهم فلا حرمة لهم والأولى : هو الإنذار والإعذار فيقال لها : ارجعي بإذن الله تعالى أو خلي طريق المسلمين فإن أبت قتلها والإنذار إنما يكون خارج الصلاة انتهى .
وقد روي عن ابن أبي الدنيا أن عائشة رضي الله تعالى عنها رأت في بيتها حية فأمرت بقتلها فقتلت فأتيت في تلك الليلة فقيل لها : إنها من النفر الذين يستمعون الوحي من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسلت إلى اليمن فابتيع لها أربعون رأسا فأعتقتهم ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وفيه : فلما أصبحت أمرت بإثني عشر ألف درهم ففرقت على المساكين .
ومنها : قبول رواية الجني ذكره صاحب اكام المرجان وذكر الأسيوطي أنه لا شك في جواز روايتهم عن الإنس ما سمعوه سواء علم الإنسي بهم أو لا واذا أجاز الشيخ من حضر دخل الجن كما في نظيره من الإنس وأما رواية الإنس عنهم فالظاهر منعها لعدم حصول الثقة بعد التهم .
ومنها : لا يجوز الاستنجاء بزاد الجن وهو : العظم كما ثبت في الحديث .
ومنها : أن ذبيحته لا تحل قال في الملتقط : [ وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن ذبائح الجن ] انتهى .
وقد ذكر الإمام الكردري في مناقبه في فضل قراءة الإمام شيئا من أحكام الجان وأولاد الشيطان وبنات الغول والكلام على جماعهم وأكلهم