فصل في الكفاءة .
الكفاءة في النكاح معتبرة قال E [ ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوجن إلا من الأكفاء ] ولأن انتظام المصالح بين المتكافئين عادة لأن الشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس فلا بد من اعتبارها بخلاف جانبها لأن الزوج مستفرش فلا تغيظه دناءة الفراش وإذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما دفعا لضرر العار عن أنفسهم ثم الكفاءة تعتبر في النسب لأنه يقع به التفاخر فقريش بعضهم أكفاء لبعض والعرب بعضهم أكفاء لبعض والأصل فيه قوله E [ قريش بعضهم أكفاء لبعض أكفاء لبعض بطن ببطن والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل ] ولا يعتبر التفاضل فيما بين قريش لما روينا وعن محمد C كذلكك إلا أن يكون نسبا مشهورا كأهل بيت الخلافة كأنه قال تعظيما للخلافة وتسكينا للفتنة وبنو باهلة ليسوا بأكفاء لعامة العرب لأنهم معروفون بالخساسة .
وأما الموالي فمن كان له أبوان في الإسلام فصاعدا فهو من الأكفاء يعني لمن له آباء فيه ومن أسلم بنفسه أو له أب واحد في الإسلام لا يكون كفؤا لمن له أبوان في الإسلام لأن تمام النسب بالأب والجد و أبو يوسف ألحق الواحد بالمثنى كما هو مذهبه في التعريف ومن أسلم بنفسه لا يكون كفؤا لمن له أب واحد في الإسلام لأن التفاخر فيما بين الموالي بالإسلام والكفاءة في الحرية نظيرها في الإسلام في جميع ما ذكرنا لأن الرق أثر الكفر وفيه معنى الذل فيعتبر في حكم الكفاءة .
قال : وتعتبر أيضا في الدين يبأي الديانة وهذا قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله هو الصحيح لأنه من أعلى المفاخر والمرأة تعير بفسق الزوج فوق ما تعير بضعة نسبه وقال محمد C : لا تعتبر لأنه من أمور الآخرة فلا تبتنى أحكام الدنيا عليه إلا إذا كان يصفع ويسخر منه أو يخرج إلى الأسواق سكران ويلغب به الصبيان لأنه مستخف به .
قال : و تعتبر في المال وهو أن يكون مالكا للمهر والنفقة وهذا هو المعتبر في ظاهر الرواية حتى إن من لا يملكهما أو لا يملك أحدهما قدر مات تعرفوا تعجيله لأن ما وراءه مؤجل عرفا وعن أبي يوسف C أنه اعتبر القدرة على النفقة دون المهر لأنه تجري المساهلة في المهور ويعد المرء قادرا عليه بيسار أبيه فأما الكفاءة في الغنى فمعتبرة في قول أبي حنيفة و محمد رحمهما الله حتى إن الفائقة في اليسار لا يكافئها القادر على المهر والنفقة لأن الناس يتفاخرون بالغنى ويتعيرون بالفقر وقلا أبو يوسف C : لا عتبر لأنه لا ثبات له إذ المال غاد ورائح و تعتبر في الصنائع وهذا عند أبي يوسف و محمد C حمهما الله وعن أبي حنيفة في ذلك روايتان وعن أبي يوسف أنه لا تعتبر إلا أن تفحش كالحجاج والحائك والدباغ وجه الاعتبار أن الناس يتفاخرون بشرف الحرف ويعيرون بدناءتها وجه القول الآخر : أن الحرفة ليست بلازمة ويمكن التحول عن الخسيسة إلى النفيسة منها .
قال : وإذا تزوجت المرأة ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض عليها عند أبي حنيفة C حتى يتم لها مهر مثلها أو يفارقها وقالا لهم ذلك وهذا الوضع إنما يصح على قول محمد C على اعتبار قوله المرجوع إليه في النكاح بغير الولي وقد صح ذلك وهذه شهادة صادقة عليه لهما أن ما زاد على العشرة حقها ومن أسقط حقه لا يعترض عليه كما بعد التسمية و لأبي حنيفة C أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بنقصانه فاشبه الكفاءة بخلاف الإبراء بعد التسمية لأنه لا يتعير به .
وإذا زوج الأب ابنته الصغيرة ونقص من مهرها أو ابنه الصغير وزاد في مهر امرأته جاز ذلك عليهما ولا يجوز ذلك لغير الأب والجد وهذا عند أبي حنيفة C وقالا لا يجوز الحط والزيادة إلا بما يتغابن الناس فيه ومعنا هذا الكلام أنه لايجزوالعقد عندهما لأن الولاية مقيدة بشرط النظر فعند فواته بيطل العقد وهذا لأن الحط عن مهر المثل ليس من النظر في شيء كما في البيع ولهذا لا يملك ذلك غيرهما و لأبي حنيفة C أن الحكم يدار على دليل النظر وهو قرب القرابة وفي النكاح مقاصد تربو على المهر أما المالية فهي المقصودة في التصرف المالي والدليل عدمناه في حق غيرهما .
ومن زوج ابنته وهي صغيرة عبدا أو زوج ابنه وهو صغير أمة فهو جائز قال Bه وهذا عند أبي حنيفة C ايضا لأن الإعراض عن الكفاءة لمصلحة تفوقها وعندهما هو ضرر ظاهر لعدم الكفاءة فلا يجوز والله أعلم