فصل في الغسل .
وفرض الغسل : المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن وعند الشافعي C تعالى هما سنتان فيه لقوله E [ عشر من الفطرة ] أي من السنة ( وذكر منها المضمضمة والاستنشاق ) ولهذا كانا سنتين في الوضوء ولنا قوله تعالى : { وإن كنتم جنبا فاطهروا } [ المائدة : 6 ] وهو أمر بتطهير جميع البدن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن النصب بخلا ف الوضوء لأن الواجب فيه غسل الوجه والمواجهة فيهما منعدمة والمراد بما روي حالة الحديث بدليل قوله E [ إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء ] .
قال : وسنته أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل نجاسة إن كانت على بدنه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى عن ذلك المكان فيغسل رجليه هكذا حكت ميمونة Bها اغتسالرسول الله A وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع الماء المستعمل فلا يفيد الغسل حتى لو كان على لوح لا يؤخر وإنما يبدأ بإززالة النجاسة الحقيقية كيلا تزداد بإصابة الماء وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول الشعر لقوله E لأن سلمة Bها [ أما يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك ] وليس عليها بل ذوائبها هو الصحيح بخلاف اللحية لأنه لا جرج في إيصحال الماء إلا أثنائها .
قال : والمعاني الموجبة للغسل : إنزال المني على وجه الدفق والشهوة من الرجل والمرأة حالة النوم واليقظة وعن الشافعي C تعالى خروج المني كيفما كان يوجب الغسل لقوله E [ الماء من الماء ] أي الغسل من المني ولنا أن الأمر بالتطهير يتناول الجنب والجنابة في اللغة : خروج المني على وجه الشهوة يقال أجنب الرجل : إذا قضي شهوته من المرأة والحديث محمول على خروج المني عن شهوة ثم المعتبر عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله تعالى أنقصاله عن مكانه على وجه الشهوة وعند أبي يوسف C تعالى ظهوره أيضا اعتبارا للخروج بالمزاية وإذ الغسل يتعلق بهما ولهما أنه متى وجب من وجه فالاحتياط في الإيجاب والتقاء الختانين من غير إنزال لقوله E [ إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ] ولأنه سبب الإنزال ونفسه يتغيب عن بصره وقد يختفي عليه لقلته فيقام مقامه وكذا الإيلاج في الدبر لكمال السببية ويجب علىة المفعول به احتياطا بخلاف البهيمة وما دون الفرج لأن السببية ناقصة وقال والحيض لقوله تعالى : { حتى يطهرن } [ البقرة : 222 ] بالتشديد و كذا النفاس للإجماع .
قال : وسن رسول الله A الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والإحرام نص على السنية وقيل هذه الأربعة مستحبة وسمى محمد C الغسل يوم الجمعة حسنا في الأصل وقال مالك C : هو واجب لقوله E [ من أتى الجمعة فليغتسل ] ولنا قوله E [ من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل ] وبهذا يحمل ما رواه على الاستحباب أو على النسخ ثم هذا الغسل للصلاة عند أبي يوسف C تعاىل هو الصحيح لزيادة فضيلتها على الوقت واختصاص الطهارة بها وفيه خلاف الحسن العيدان بمنزلة الجمعة لأن فيهما الاجتماع فيستحب الاغتسال دفعا للتأذي بالرائحة وأما في عرفة والإحارم فسنبينه في المناسك إن شاء الله تعالى قال : وليس في المذي والودي غسل وفيهما والوضوء لقوله E [ كل فحل يمذي وفيه الوضوء ] والودي الغليظ من البول يتعقب الرقيق منه خروجا فيكون معتبرا به والمني خائر أبيض ينكسر منه الذكر والمذي رقيق يضرب إلى البياض يخرج عند ملاعبة الرجل أهله والتفسير مأثور عن عائشة رضي الله تعالى عنها