كتاب الطهارة .
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة : 6 ] الآية ففرض الطهارة غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس بهذا النص والغسل هو الإسالة والمسح هو الإصابة وحد الوجه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن وإلى شحمتي الأذن ولأن المواجهة تقع بهذه الجملة وهو مشتق منها والمرفقان والكعبان يدخلان في الغسل عندنا خلافا لزفر C هو يقول : الغاية لا تدخل تحت المغيا كالليل في باب الصوم .
ولنا أن هذه الغاية لإسقاط ما وراءها إذ لولاها لا ستوعبت الوظيفة الكل وفي باب الصوم لمد الحكم إليها إذ الاسم على الإمساك ساعة والكعب هو العظم الناتئ هو الصحيح ومنه الكاعب .
قال : والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع الرأس لما روى المغيرة بن شبعة [ أن النبي A أتى سباطة قوم فبال وتوضأ ومسح على ناصيته وخفيه ] والكتاب مجمل فالتحق بيانا به وهو حجة على الشافعي في التقدير بثلاث شعرات وعلى مالك في اشتراط الاستيعاب وفي بعض الروايات قدره بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى بثلاث أصابع من أصابع اليد لأنها أكثر ما هو الأصل في آلة المسح .
قال : وسنن الطهارة : غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء إذا استيقظ المتوضئ من نومه لقوله عليه السلام [ إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ] ولأن اليد آلة التطهير فتسن البداءة بتنظيفها وهذا الغسل إلى الرسغ لوقوع الكفاية به في التنظيف .
قال : وتسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء لقوله E [ لا وضوء لمن لم يسم الله ] والمراد به نفي الفضيلة والأصح أنها مستحبة وإن سماها في الكتاب سنة ويسمي قبل الاستنجاء وبعده هو الصحيح .
قال : والسواك لأن E كان يواظب عليه وعند فقده يعالج بالإصبع لأنه E فعل كذلك والأصح أنه مستحب .
قال : والمضمضة والاستنشاق لأنه E فعلهما على المواظبة .
وكيفيته أن يمضمض ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ثم يستنشق كذلك هو المحكي عن وضوئه A ومسح الأذنين وهو سنة بماء الرأس عندنا خلافا للشافي C تعالى لقوله E [ الأذنان من الرأس ] والمراد بيان الحكم دون الخلفة .
قال : وتخليل اللحية لأن النبي A أمره جبريبل E بذلك وقيل هو سنة عند أبي يوسف C جائز عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله تعالى لأن السنة إكمال الفرض في محله والداخل ليس بمحل الفرض .
قال : وتخليل الأصابع لقوله E [ خللوا أصابعكم كي لا تتخللها نار جهنم ] ولأنه إكمال الفرض في محله .
قال : وتكرار الغسل إلى الثلاث [ لأن النبي E توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله تعالى الصلاة إلا به وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم ] والوعيد لعدم رؤيته سنة .
قال : ويستحب للمتوضئ أن ينوي الطهارة فالنية في الوضوء سنة عندنا وعند الشافعي C تعالى فرض لأنه عبادة فلا تصح بدون النية كالتيمم ولنا أنه لا يقع قربة إلا بالنية ولكنه يقع مفتاحا للصلاة لوقوعه طهارة باستعمال المطهر وبخلاف التيمم لأن التراب غير مطهر إلا في حال إرادة الصلاة أو هو ينبئ عن القصد ويستوعب رأسه بالمسح وهو سنة وقال الشافعي C تعالى : السنة التثليث بمياه مختلفة اعتبارا بالمغسول ولنا [ أن أنسا Bه توضأ ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه مرة واحدة وقال هذا وضوء رسول الله A ] والذي يورى من التثليث محمول عليه بماء واحد وهو مشروع على ما روى الحسن عن أبي حنيفة C تعالى ولأن المفروض هو المسح وبالتكرار يصير غسلا ولا يكون مسنونا فصل كمسح الخف بخلاف الغسل لأنه لا يضره التكرار .
قال : ويرتب الوضوء فيبدأ بما بدأ الله تعالى بذكره وبالميامن فالترتيب في الوضوء سنة عندنا وقال الشافعي C تعالى فرض لقوله تعالى : { فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة : 6 ] الآية والفاء للتعقيب : ولنا أن المذكور فيها حرف الواو وهي لمطلق الجمع بإجماع أهل اللغة فتقتضي إعقاب غسل جملة الأعضاء والبداءة بالميامن فضيلة لقوله E [ إن الله تعالى يحب التيامن في كل شيء حتى التنعل والترجل ]