كتاب الإباق .
الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه لما فيه من إحيائه وأما الضال فقد قيل كذلك وقد قيل تركه أفضل لأأنه لا يبرح مكانه فيجده المالك ولا كذلك الآبق ثم آخذ الآبق يأتي به إلى السلطان لأنه لا يقدر على حفظه بنفسه بخلاف اللقطة ثم إذا رفع الآبق إليه يحسبه ولو رفع الضال لا يحبسه لأنه لا يؤمن على الآبق الإباق ثانيا بخلاف الضال .
قال : ومن رد آبقا على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه وهذا استحسان والقاس أن الا يكون له شيء إلا بالشرط وهو هو قول الشافعي C لأنه متبرع بمنافعه فأشبه العبد الضال .
ولنا أن الصحابة رضوان الله عليهم اتفقوا على وجوب أصل الحعل إلا أن منهم من أوجب أربعين ومنعم من أوجب ما دونها فأوجبنا الأربعين في سيرة السفر وما دونها فيما دونه توفيقا وتلفيقا بيهما ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد إذ الحسبة نادرة فتحصل صيانة أموال الناس والتقدير بالسمع ولا سمع في الضال فامتنع ولأن الحاجة إلى صيانة الضال دونها إلى صيانة الآبق لأنه لا يتوارى والآبق يختفي ويقدر الرضخ في الرد الثلاثة إذ هي أقل مدة السفر .
قال : وإن كانت قيمته أقل من أربعين يقضى له بقيمته إلا درهما قال Bه : وهذا قول محمد C وقال أبو يوسف C : له أربعون درهما لأن التقدير بها ثبت بالنص فلا ينقص عنها ولهذا لا يجوز الصلح على الزيادة بخلاف الصلح على الأقل لأنه حط منه ول محمد C أن المقصود حمل الغير على الرد ليحيا مال الملك فينقص درهم ليسلم له شيء تحقيقا للفائدة وأم الولد والمدبر في هذا بمنزلة القن إذا كان الرد في حياة المولى لما فيه من إحياء ملكه ولو رد بعد مماته لا جعل فيهما لأنهما يعتقان بالموت بخلاف القن ولو كان الراد بأبا المولى أو ابنه وهو في عياله أو أحد الزوجين على الآخر فلا جعل لأن هؤلاء يتبرعون بالرد عادة ولا يتناولهم إطلاق الكتاب .
قال : وإن أبق من الذي رده فلا شيء عليه لأنه أمانة في يده لكن هذا إذا اشهد وقد ذكرناه في اللقطة .
قال Bه : وذكر في بعض النسخ أنه لا شيء له وهو صحيح أيضا لأنه في معنى البائع من المالك ولهذا كان هل أن يحبس الآبق حتى يستوفي الجعل بموزلة البائع يحبس المبيع لاستيفاء الثمن وكذا إذا مات في يده لا شيء عليه لما قلنا .
قال : ولو أعتقه المولى كما لقيه صار قابضا بالاعتاق كما في العبد المشتري وكذا إذا باعه من الراد لسلامة البدل له والرد وإن كان له حكم البيع لكنه بيع من وجه فلا يدخل تحت النهي الوارد عن بيع ما لم يقبض فجاز .
قال : وينبغي إذا أخذه أن يشهد أنه يأخذه ليرده فالإشهاد حتم فيه عليه على قول أبي حنيفة و محمد رحمهما الله حتى لو رده من لم يشهد وقت الأخذ لا جعل له عندهما لأن ترك الإشهاد أمارة أنه أخذه لنفسه وصار كما إذا اشتراه من الآخذ أو اتهبه أو ورثه فرده على مولاه لا جعل له لأنه رده لنفسه إلا إذا أشهد أنه اشتراه ليره فيكون له الجعل وهو متبرع في أداء الثمن وإن كان الآبق رهنا فالجعل على المرتهن لأنه أحيا ماليته بارد وهي حقه إذ الاستيفاء منها والجعل بقابلة إحياء المالية فيكون عليه والرد في حياة الراهن وبعده سواء لأن الرهن لا يبطل بالموت وهذا إذا كانت قيمته مثل الدين أو أقل منه فإن كانت أكثر فيقدر الدين عليه والباقي على الراهن لأن حقه بالقدر المضممون فصار كثمن الدواء وتخليصه عن الجناية بالفداء وإن كان مديونا فعلى المولى إن اختار قضاء الدين وإن بيع بدئ بالجعل والباقي للغرماء لأنه مؤنة الملك والملك فيه كالموقوف فتجب على من يستقر له وإن كان جانبا فعلى المولى إن اختار الفداء لعود المنفعة إليه وعلى الأولياء إن اختار الدفع لعودها إليهم وإن كان موهوبا فعلى الموهوب له إن رجع الواهب في هبته بعد الرد لأن المنفعة للواهب ما حصلت بالرد بل بترك الموهوب له التصرف فيه بعد الرد وإن كان لصبي فالجعل في ماله لأنه مؤنة ملكه وإن رده وصيه فلا جعل له لأنه هو الذي يتولى الرد فيه والله أعلم بالصواب