باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك .
قال : ومن حلف لا يخرج من المسجد فأمرنا إنسانا فحمله فأخرجه حنث لأن فعل المأمور مضاف إلى الأمر فصار كما إذا ركب دابة فخرجت ولو أخرجه مكرها لم يحنث لأن الفعل لم ينتقل إليه لعدم الأمر ولو حمله برضاه لا بأمره لا يحنث في الصحيح لأن الانتقال بالأمر لا مجرد الرضا .
قال : ولو حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى حاجة أخرى لم يحنث لأن الموجود خروج مستثنى والمضي بعد ذلك ليس بخروج ولو حلف لا يخرج إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث لوجود الخورج على قصد مكة وهو الشرط إذ الخروج هو الانفصال من الدال إلى الخارج .
ولو حلف لا يأتيها لم يحنث حتى يدخلها لأنه عبارة عن الوصول وقال الله تعالى : { فأتيا فرعون فقولا } [ الشعراء : 16 ] ولو حلف لا يذهب إليها قيل هو كالإتيان وقيل هو كالخروج وهو الأصح لأنه عبارة عن الزوال وإن حلف ليأتين البصرة فلم يأتها حتى مات حنث في آخر جزء من أجزاء حياته لأن البر قبل ذلك مرجو .
ولو حلف يأتينه غدا إن استطاع فهذا على استطاعة الصحة دون القدرة وفسره في الجامع الصغير وقال : إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجيء أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث وإن عنى استطاعة القضاء دين فيما بينه وبين الله تعالى وهذا لأن حقيقة الاستطاعة فيما يقارن الفعل ويطلق الاسم على سلامة الآلات وصحة الأسباب في المتعارف فعند الإطلاق ينصرف إليه وتصح نية الأول ديانة لأنه نوى حقيقة كلامه ثم وتصح قضاء أيضا لما بينا وقيل لا تصح لأنه خلاف الظاهر .
قال : ومن حلف لا تخرج امراته إلا بإذنه فأذن لها مرة فخرجت ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه حنث ولا بد من الإذن في كل خروج لأن المستثنى خروج مقرون بالإذان وما وراءه داخل في الخظر العام ولو نوى الإذن مرة يصدق ديانة لا قضاء لأنه محتمل كلامه لكنه خلاف الظاهر .
ولو قال : إلا أن آذن لك فأذن لها مرة واحدة فخرجت ثم خرجت بعدها بغير إذنه لم يحنث لأن هذه كلمة غاية فتنتهي اليمين به كما إذا قال حتى آذن لك .
ولو أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق فجلست ثم خرجت لم يحنث وكذلك إذا أراد رجل ضرب عبده فقال له آخر : إن ضربته فعبدي هو حر فتركه ثم ضرلابه وهذه تسمى يمين فور وتفرد أبو حنيفة C بإظهاره ووجهه أن مراد المتكلم الرد عن تلك الضربة والخرجة عرفا ومبنى الأيمان عليه .
ولو قال له رجل اجلس فتغد عندي فقال إن تغديت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله لم يحنث لأن كلامه خرج مخرج الجواب فينطبق على السؤال فينصرف إلى الغداء المدعو إليه بخلاف ما إذا قال إن تغديت اليوم لأنه زاد على حرف الجواب فيجعل مبتدئا .
ومن حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون لم يحنث عند أبي حنيفة C إلا أنه إذا كان عليه دين مستغرق لا يحنث وإن نوى لأنه لا ملك للمولى فيه عنده وإن كان الدين غير مستغرق أو ل ميكن عليه دين لا يحنث ما لم ينوه لأن الملك فيه للمولى لكنه يضاف إلى العبد عرفا وكذا شرعا قال E : [ من باع عبدا وله مال فهو للبائع ] الحديث فتختل الإضافة إلى المولى فلا بد من النية وقال أبو يوسف C : في في الوجوه كلها يحنث إذا نواه لا ختلال الإضافة وقال محمد C : يحنث وإن لم ينوه لاعتبار حقيقة الملك إذ الدين لا يمنع وقوعه للسيد عندهما