باب النفقة .
قال : النفقة واجبة للزوجة على زوجها مسلمة كانت أو كافرة إذا سلمت نفسها إلى منزلة فعليه نفقتها وكسوتها وسكناها والأصل في قوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته } [ الطلاق : 7 ] و قوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } [ البقرة : 233 ] و [ قوله E في حيث حجة الوداع : ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ] ولأن النفقة جزاء الاحتباس وكل من كان محبوسا بحق مقصود لغيره كانت نفقته عليه أصله القاضي والعامل في الصدقات وهذه الدلائل لا فصل فيها فتستوي فيها المسلة والكافر ويعتبر في ذلك حالهما جميعا قال العبد الضعيف : وهذا اختبار الخصاف وعليه الفتوى وتفسره : أنهما إذا كان موسرين تجب نفقة اليسار وإن كانا معسرين فنفقه المعسرات وقال الكرخي C : يعتبر حال الزوج وهو قول الشافعي C لقوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته } [ الطلاق : 7 ] وجه الأول [ قوله E لهند امرأة أبي سفيان : خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف ] اعتبر حالها وهو الفقه فإن النفقة تجب بطريق الكفاية والفقيرة لا تفتقر إلى كفاية الموسرات فلا معنى للزيادة .
وأما النص فنحن نقول بوجبه أنه يخاطب بقدر وسعه والباقي دين فسي ذمته ومهنى قوله : بالمعروف الوسط وهو الواجب وبه يتبين أنه لا معنى لتقدير كما ذهب إليه الشافعي C على أنه الموسر مدان وعلى العسر مد وعلى المتوسط مد ونصف مد لأن ما يوجب كفاية لا يتقدر شرعا في نفسه وإن امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها مهرها فلها النفقة لأنه منع بحق فكان فوت الاحتباس بعنى من قبله فيجعل كلا فائت وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله لأن فوت الاحتباس منها وإذا عادت جاء الاحتباس فتجب النفقة بخلاف ام إذا امتنعت من التمكين في بيت الزوج لأن الاحتباس قائم والزوج يقرد على الوطء كرها وإن كانت صغيرة لا يستمع بها فلا نفقة لها لأن امتناع الاستماع لمعنى فيها والاحتباس الموجب ام يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح ولم يوجد بخلاف المريضة على ما نبين .
وقلا الشافعي C : لها النفقة لأنها عوض عن اللك عنده كما في المملوكة بملك اليمين ولنا أن المهر عوض عن الملك ولآ يجتمع العوضان عن معوض واحد فلها الهر دون النفقة وإن كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة فلها النفقة من ماله لأن التسليم قد تحقق منها وإنما العجز نم قبله فصار كالمجبوب والعنين .
وإذا حبست المرأة في دين فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها بالمماطلة إن لم يكن منها بأن كانت عاجزة فليس منه وكذا إذا غصبها رجل كرها فذهب بها وعن أبي يوسف أن لها النفقة والفتوى على الأول لأن فوت الاحتباس ليس منه ليجعل باقيا تقديرا وكذا إذا حجت مع محرم لأن فوت الاحتباس منها وعن أبي يوسف C أن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر ولكن تجب عليه نفقة الحضر بدون السفر لأنها هي المستحقة عليه ولو سافر معها الزوج تجب النفقة بالاتفاق لأن الاحتباس قائم لقيامه عليها وجب نفقة الحضر دون السفر ولا يجب الكراء لما قلنا .
وإن مرضت في منزل الزوج فلها النفقة والقياس أن لانفقة لها إذا كان رضا يمنع من الجماع لفوت الاحتباس للاستمتاع وجه الاستحسان أن الاحتباس قائم فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت والمانع بعارض فاشبه الحيض وعن أبي يوسف C : أنها إذا سلت نفها ثم ممرضت تجب النفقة لتحقق التسليم ولو مرضت ثم سلمت لا تجب لأن التسليم لم يصح قالوا هذا حسن وفي لفظ الكتاب ما يشير إليه .
قال : وتفرض على الزوج النفقة إذا كان موسرا ونفقة خادمها والراد بهذا بيان نفقة الخادم ولهذا ذكر في بعض النسخ وتفرض على الزوج إذا كان وسرا نفقة خامها ووجهه أن كفايتها واجبة وهذا منم تمامها إذ لا بد لها منه .
ولا تفرض لأكثر من نفقة خادم واحد وهذا عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله وقال أبي يوسف C : تفرض لخادمين لأنها تحتاج إلى أحدهما لصالح الداخل وإلى الآخر لمصالح الخارج ولهما أن الواحد يقو بالأمرين فلا ضرورة إلى اثنين ولأنه لو تولى كفايتها بنفسه كان كافيا فكذا إذا قام الواحد مقام نفيه وقالوا إن الزوج الموسر يلزمه من نفقة الخادم ما يلزم المعسر من نفقة امرأته وهو أدنى الكفاية وقوله في الكتاب : إذا كان موسرا إشارة إلى أنه لا تجب نفقة الخادم عند إعساره وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة C وهو الأصح خلافا لا قاله محمد C لأن الواجب على المعسر أدنى الكفاية وهي قد تكتفي بخدمة نفسها .
ومن أعسر بنفقة امرأته لم يفرق بينهما ويقال لها استديني عليه وقال الشافعي C : يفرق لأنه عجز عن الإمساك بالمعروف فينوب القاضي منابه في التفريق كما في الجب والعنة بل أولى لأن الحاجة إلى النفقة أقوى ولنا أن حقه يبطل وحقها يتأخر والأول أقوى في الضرر وهذا لأن النفقة تصير دينا بفرض القاضي فتستوفي في الزمان القاني وفوت امال وهو تابع في النكاح لا يلحق بما هو المقصود وهو التناسل وفائدة الأمر بالاستدانة مع الفرض أن يمكنها إحالة الغريم على الزوج فأما إذا كانت الاستدانة بغير أر القاضي كانت المطالبة عليها دون الزوج .
وإذا قضى القاضي لها بنفقة الإعسار ثم أيسر فخاصمته تمم لها نفقة الموسر لأن النفقة تختلف فحسب اليسار والإعسار وما قضى به تقدير لنفقة لم يجب فإذا تبتدل حالة فهلا المطالبة بتماتم حقها .
وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة أو صالحت الزوج على مقدار نفقتها فيقضي لها بنفقة ما مضى لأن النفقة صلة وليست بعوض عندنا على ما C من قبل فلا يستحكم الوجبو فيها إلا بالقضاء فلا توجب الملك لا بتؤد وهو القبض والصلح بمنزل القضاء لأنه ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي بخلاف المهر لأنه عوض .
وإن مات الزوج بعد ما قضى عليه بالنفقة ومضى شهور سقطت النفقة وكذا إذا ماتت الزوجة لأن النفقة صلة والصلات تسقط بالموت كالهبة تبطل بالموت قبل القبض وقال الشافعي C : تصير دينا قبل القضاء ولا تسقط بالموت لأنه عوض عنده فصار كسائر الديون وجوابه قد بيناه .
وإن أسلفها نفقة السنة أي عجلها ثم مات لم يسترجع منها شيء وهذا عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله وقال محمد C : يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي فهو للزوج وهو قول الشافعي C وعلى هذا الخلاف الكسوة لأنها استعجلت عوضا عما تستحقه عليه بالاحتباس وقد بطل الاستحقاق بالموت فيبطل العوض بقدره كرزق القاضي وعطاء المقاتلة ولهما أنه صلة وقد اتصل به القبض ولا رجوع في الصلات بعد الموت لانتهاء حكمها كما في الهبة ولهذا لو هلكت من غير استهلاك لا يسترد شيء منه بالإجماع وعن محمد C : أنها إذا قبضت نفقة الشهر أو ما دونه لا يسترجع منها شيء لأنه يسير فصار في حكم الحال .
وإذا تزوج العبد حرة فنفقتها دين عليه يباع فيها ومعناه إذا تزوج بإذن المولى لأنه دين وجب في ذته لوجود سببه وقد ظهر وجوده في حق المولى فيتعلق برقبته كدين التجارة في العبد التاجر وله أن يفدي لأن حقها في النفقة لا في عين الرقبة ولو ما ت العبد سقطت كذا إذا قتل في الصحيح لأنه صلة .
وإن تزوج الحر أمة فبوأها مولاها معه منزلا فعليه النفقة لأنه تحق الاحتباس وإن لم يبوئها فلا نفقة لها لعدم الاحتباس والتبوئة أن يخلي بينهما وبينه في منزله ولا يستخدمها ولو استخدها بعد التبوئة سقطت النفقة لأنه فات الاحتباس والتبوئة غير لازمة على ما مر في النكاح ولو خدمته الجارية أحيانا من غير أن يستدمها لا تسقط النفقة لأن لم يستخدها ولو استخدمها بعد التبوئة سقطت النفقة لأنه فات الاحتباس والتبوئة سقطت النفقة لأنه فات الاحتباس والتبوئة غير لازمة على ما مر في النكاح ولو خدمته الحارة أحيانا من غير أن يستخدمها لا تسقط النفقة لأنه لم يستخددمها ليكون استردادا والمدبرة وأم الولد في هذا كالأمة والله تعالى أعلم بالصواب